تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأخرج البيهقي والشافعي وأبو يوسف عن ابن عباس (عاديُّ الأرضِ) وفي رواية (مَوَتانُ الأرض لله ورسوله فمن أحيا منها شيئاً فهو له)، والعاديُّ هو القديم نسبة إلى عاد.

وليس هو لذمي أي إحياء الأرض في أرض الإسلام ليس لذمي ولا لغيره من الكفار إحياؤها وإن أذن في ذلك الإمام وإن كانت ببلاد كفار فلهم إحياؤها وكذا المسلم إحياؤها إن كانوا لا يذبّون المسلمين عنها أي إذا كانوا لا يمنعون المسلمين عن إحيائها فإن ذبوهم عنها فليس للمسلم إحياؤها.

وما كان معموراً في الماضي وإن كان الآن خراباً فلمالكه إن عُرف ولو كان ذمياً إلا إن أعرض عنه الكفار قبل القدرة عليه فإنه يملك بالإحياء. فإن لم يعرف مالكه والعمارة إسلامية فمال ضائع لمسلم أو ذمي والأمر فيه للإمام في حفظه حتى يعرف صاحبه أو بيعه وإن كانت العمارة جاهلية تدل عليها آثارهم فالأظهر أنه أي ما كان جاهلياً ثم خرب يملك بالإحياء إذ لا حرمة لملك الجاهلية إلا إذا كان بدارهم ومنعونا عنه فلا يملك بالإحياء كما مرَّ.

ولا يملك بالإحياء حريم معمور لأن مالك المعمور يستحق مرافقه ومرافق المعمور هو حريمه لأنه يحرم التصرف فيه وهو ما تمس الحاجة إليه لتمام الانتفاع بالمعمور فحريم القرية النادي وهو مجلس القوم فيه يجتمعون ويتحدثون ولا يسمى المجلس نادياً إلا والقوم فيه ويطلق النادي أيضاً على أهل المجلس ومرتكض الخيل وهو مكان تجمع الخيل لسباق أو غزو أو ردِّ عدوٍ أو فرح ومُنَاخ الإبل أي الموضع الذي فيه تناخ الإبل إن كانوا أهل إبل ومطرح الرماد ونحوها كالقمامة ومراح الغنم وملعب الصبيان وحريم البئر في الموات موقف النازح منها والحوض الذي يصب فيه النازح الماء والدُولاب وهو أصلاً يشبه الناعورة ويطلق على الناعورة وأكثر استخدامه في الساقية التي يستقي منها الناس ومجتمع الماء أي الذي يوضع لسقي الماشية وهو بمعنى الدولاب أيضاً ولذا قيل تكرار.

وَمُتَردّدُ الدابة دخولاً وخروجاً إلى الماء إذا كان يستقى بالدابة أو متردد الآدمي إذا كان يستقي بنفسه ولذا وجب على الإمام منع من يتعاطى بناءً أو حديقة أو مطعماً أو دكاناً يمنع الناس من الوصول إلى حقهم في الأنهار أو الآبار أو الملاعب وما تحتاج إليه هذه المرافق من خدمات لتنظيف وصيانة ومثل هذه المرافق والتي تمس الحاجة إليه شواطئ الأنهار والبحار ومصلى العيد في الصحراء فإذا بني ما يمنع الوصول إليه وجب على الإمام هدمه ولو كان مسجداً لأنه من حريمها وهذا ما عليه الأئمة الأربعة رضوان الله عليهم أجمعين وحريم الدار المبنية في الموات مطرح رماد وكُنَاسة وثلج وممر في صَوب الباب ومقداره على الأقل ثلاثة أمتار ولا بأس بإحياء ما يقابلها بعد الممر وحريم آبار القناة وهي ما حفر ليجتمع الماء فيها ما لو حفر فيه نقص ماؤها أو خيف انهيارها أي يتأثر الماء بالنقص أو تنهار الجدران ويختلف ذلك بنوع التربة ومثل آبار القناة آبار الاستقاء وهي الآبار المطوية والدار المحفوفة بدور لا حريم لها وذلك بأن بنيت الدور جميعاً في وقت واحد أو امتلك الجميع ممن أحيا أرضاً فملكها ثم باعها. ويتصرف كل واحد من الملاك في ملكه على العادة ولا ضمان عليه إن كان تصرفه معتاداً فأفضى إلى تلف عند جاره فإن تعدى بأن جاوز العادة في التصرف ضمن ما تعدى فيه والأصح أنه يجوز للشخص أن يتخذ داره المحفوفة بمساكن حماماً وطاحونة ومدبغة واسطبلاً وفرناً وحانوته في البزازين أي من يبيعون الثياب حانوتَ حدادٍ أو قصارٍ أو مدبغةٍ إن احتاط وأحكم الجدران احتياطاً يليق بمثل صنعته لأنه يتصرف في خالص ملكه وفي منعه إضرار به إلا إذا كان يضر جيرانه لأنه الضرر لا يزال بالضرر.

ويجوز إحياء موات الحرم بل يسّنُ ذلك لتسهيل الاستيطان وتوفير المنافع كما يملك عامر الحرم بالبيع دون عرفات في الأصح لما في ذلك من تضييق على الناس ولو في الزمان اللاحق قلت: ومزدلفة ومنى كعرفة والله أعلم لحقِّ المسلمين جميعاً في الانتفاع بها ولعدم التضييق ولو في المستقبل ويختلف الإحياء بحسب الغرض المقصود منه وقد أطلقه الشرع ولا حدَّ للغة فيه فوجب الرجوع فيه للعرف فإن أراد مسكناً اشترط لحصوله تحويط البقعة أي بجدران أربعة أو أكثر بآجرٍّ أو لَبِنٍ أو ألواح خشبٍ أو قصب أو جريد ويختلف ذلك باختلاف البلاد وسقف بعضها لتتهيأ للسكنى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير