تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

منفعة الشارع الأصلية المرور فيه لأن ذلك هو أصل وضعه ويجوز الجلوس به لاستراحة ومعاملة ونحوهما كوقوفٍ وانتظارٍ وسؤالٍ ونشد ضالةٍ وللإمام مطالبة الواقف بقضاء حاجته أو الانصراف قاله ابن الصباغ إذا لم يضيّق على المارة للخبر الصحيح: (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام) ولنهيه صلى الله عليه وسلم عن الجلوس في الطرقات إلا أن يعطي الطريق حقه من غص البصر وكف أذى وأمر بالمعروف ولا يشترط إذن الإمام في جواز الانتفاع بالشارع وله تظليل مقعده في الشارع بَبَارِيّةٍ وغيرها مما لا يضر بالمارة كثوبٍ وعباءةٍ، والبارِيَّةُ كالحصير منسوج بقصب وهو يستعمل عادة للتظليل ولو سبق إليه أي إلى مقعدٍ إثنان وتنازعا فيه ولم يسعهما معاً أقرع بينهما وجوباً إذ لا مُرَجِّح إلا إذا كان أحدهما مسلماً فيقدم بالانتفاع على الذمي لأنه هو في بلادنا تبع لنا وقيل: يقدِّم الإمام أحدهما برأيه كما يقدم في بيت المال ولو جلس للمعاملة بموضعٍ ثم فارقه تاركاً للحرفة أو منتقلاً إلى غيره بطل حقّه منه وإن فارقه أي فارق محل جلوسه الذي ألفه ليعود إليه لم يبطل حقه إلّا أن تطول مفارقته بحيث ينقطع معاملوه لما روى مسلم عن أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به)) وروى ابن خزيمة وغيره من طريق ابن جريج قال: سمعت نافعاً يقول: (أن ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يُقِمْ أحدكم أخاه من مجلسه ثم يخلفه فيه) فقلت له: في يوم الجمعة، قال: فيه وفي غيره)) عنه ويألف غيره فيبطل حقه سواءً فارق بعذر سفرٍ أو مرضٍ أو بلا عذر أما لو جلس لاستراحة أو نحوها في الشارع ثم فارقه فقد بطل حقه ومن ألف من المسجد موضعاً يفتي فيه ويقرئ فيه قرآناً وعلماً شرعياً أو وسيلةً إليهما كالجالس في شارع لمعاملةٍ أي فيما مرّ من أحكام لأن له غرضاً في ملازمة ذلك الموضع ليألفه الناس وكذا الطالب الجالس بين يدي مدرس لكن بشرط أن يفيد أو يستفيد وإلا فلا حقَّ له ولو جلس فيه لصلاة لم يعد أحق به في غيرها لأن لزوم بقعةٍ معينةٍ للصلاة غير مطلوب بل قد ورد فيه نهيٌ وبقاع المسجد لا تختلف بخلاف مقاعد الأسواق أما حصول الصف الأول فطريقه أن يحصَّله بالسبق إليه فلو فارقه لحاجةٍ كإجابة داعٍ ورعاف وقضاء حاجة ليعود بعد فراغ حاجته لم يبطل اختصاصه في تلك الصلاة في الأصح فيحرم على غيره العالم به الجلوس فيه بغير إذنه أو ظن رضاه.

وإن لم يترك إزاره في ذلك الموضع لحديث مسلم المار سابقاً أمّا لو أقيمت الصلاة في غيبته واتصلت الصفوف فالوجه سدُّ الصف مكانه ولو سبق رجل إلى موضع من رباطٍ مُسْبَلٍ وهو ما يبنى لسكنى المحتاجين عادةً وقد اشتهر عرفاً باسم الزاوية وإن كانت قد ترادف اسم المسجد وقد ترادف اسم المدرسة وقد ترادف اسم الرباط أو فقيهٍ إلى مدرسة أو مُتعلِّم قرآنٍ إلى ما بني له أو صوفيٍّ إلى خانقاه وهي كلمة أعجمية تعني مكان الصوفيّة لم يُزْعج منه أي لم يخرج منه إن كان له حقٌ فيه لأنها لها حكم مقاعد الأسواق ولا يباح سكناها إلا لفقيه مطلقاً أو لمن فيه شَرْطُ واقفها ولم يَبْطل حقُّه بخروجه لشراء حاجةٍ ونحوه كشراء طعامٍ أو صلاةٍ أو دخول حمامٍ، قال العز بن عبد السلام: ومتى شَرَط الواقفُ مُدّةً لم يزد عليها إلا إذا لم يوجد في البلد من هو بصفته وعند الإطلاق ينظر إلى الغرض المبني له ويعمل بالمعتاد المضطرد في مثله أي في مثل الرباط حالة الوقف لأن العادة المضطردة في زمن الواقف إذا علم بها تنزل منزلة شرطه فيزعج متفقِّهٌ ترك التعليم وصوفي ترك التعبد ولا يزاد في رباط مارَّةٍ وهي التي بنيت ليستفيد منها المارة ويأوون إليها على ثلاثة أيام إلا أن عُرِضَ على نحو خوفٍ أو ثلج فيقيم لانقضائه، وهذا يعني أن أهل البطالة في هذه الأزمنة والذين يسكنون المساكن والرباطات وحيث لم يعلم فيها شرط الواقف يمنعون منها.

? فصل في بيان حكم الأعيان المشتركة ?

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير