تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[23 - 12 - 2008, 05:53 م]ـ

التزمت أخي عامر بما قلت فلم أضع مشاركتي صباحا، إلا أن الأخوة سبقوني فيما أردت قوله من: أخي الباز وأختي تيما وأخي عامر، فلم أدر ما أقول إلا أنني اهتديت لرأي وهو أن أضع كل ما كتبته ورأيته وعدم الاختيار منه، وقد انتهيت صباحا من كتابة ما سأكتبه الآن، فبسم الله نبدأ.

مررت بمعمل الخزاف يوما ..... وكان يجد في العمل الخطير

ويصنع للجرار عرى ثراها ..... يد الشحاذ أو رأس الأمير.

وسنتوقف مع البيت الثاني فأقول:

بيت لم يُنطق به هكذا، ولم ينطقه شخص كأي شخص، نحن لا نمجد الأفراد، وإنما نمجد الأفكار، بيت يدل على تجربة مريرة عاشها صاحب البيت في الحياة، بيت خبر الحياة ولخصها، بيت علم صاحبه أن في الدنيا شخصا يرتفع عن شخص، لا لعمل صالح وإنما لحظوظ الحياة، بل لعل الصحيح للاختبار في الحياة، إن سميت هذه حياة للشحاذ، بيت انتقل فيه الشاعر من الشطر الأول إلى الشطر الثاني فقلب معه الأمزجة، فساحت النفس تذكرة، تقف النفس أمام الشطر الثاني معتبرة، خائفة وجلة، الكل سواسية، من لم يجد في دنياه شيئا، ومن لم يترك في الدنيا شيئا.

يقول مررت يوما: يفيد أن المرور أتى عرضيا فهو لم يقصده، ولعل الحكمة في البيت الثاني أتت من هذا المرور العرضي الذي لم يكن عرضيا لو لم يكن الشاعر ضائق النفس مكتئبا، فلا يخرج أحد منا إلا ويعرف أين سيذهب؟ إلا إن كان الشخص يريد أن ينفّه وينفس عن نفسه من جرّاء ما أصابها فيخرج هكذا لا مكان محدد ولا جهة يقصدها وإنما ما ينتهي به الطريق سلك غيره، ولعل الشاعر فكر في الخلاص من هذه الدنيا حينها، فحينما شاهد ما يفعله الخزاف لم يجد إلا هذه الصورة في باله، صورة التفاوت في الدنيا والمساواة بعدها.

ويصنع للجرار عرى ثراها ..... يد الشحاذ أو رأس الأمير.

يصنع: إيجاد وحُسن.

الجرار: جمع جرة وهي معروفة.

عرى: جمع عروة، وهي ما تحمل منها الجرة.

ثراها: التراب المبلل. وهذا يذكرنا بـ: " وجدت امرأة كلبا يأكل الثرى ... ".

يد: اليد المعروفة المحسوسة.

الشحاذ: هو ما يطلب الناس لسد فاقة أو لاستكثار.

رأس: الرأس أعلى الجسم وأشرفه.

الأمير: أعلى القوم مكانه، وهي لفظة وجدت بداية في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: r .

ويصنع للجرار عرى ثراها ..... يد الشحاذ أو رأس الأمير.

لعلك إن وزنت البيت بميزان لرجحت كفت الشطر الثني فقد أودعه صاحبه ما تهابه النفس ألا وهو الموت.

ويصنع للجرار عرى ثراها ..... يد الشحاذ أو رأس الأمير.

انظر كيف اختار لكل شخص ما يناسبه، انظر إلى الدقة: اليد للشحاذ والرأس للأمير. اليد للشحاذ لأنه بها يعيش، وبها يجد ما يريده - وإن كان لا يجده أحيانا كثيرة -. اليد: هي التي يمدها للناس، وهي التي يأخذ بها، وأطلق عليها النعم لأنها بسببها تكون، وذلك حينما قال المتنبي:

له أيادٍ عليّ سابغة ..... أُعد منها ولا أعددها.

أما الرأس: فهو أعلى الإنسان وأشرفه، لذلك ناسب ذكره ومقام الأمير. فالرأس شرف الإنسان، ولذلك نرى أنه إذا أراد شخص أن يهين أحدا ضربه ولطمه على وجهه، وإذا أراد الإهانة الكبرى وضع رجله عليه بعد طرحه. وترون كيف ينحني الإنسان لمن يعظمه برأسه فهي أعظم إجلال، ولا تجوز إلا للخالق - سبحانه وتعالى -، ولذلك أُمرنا نحن المسلمين وضع رؤوسنا في السجود على الأرض إكراما لله تعالى.

ويصنع للجرار عرى ثراها ..... يد الشحاذ أو رأس الأمير.

حكم الشحاذة

السؤال رقم (8130)

ما حكم شحذ الناس، أرجو التفصيل، متى يجوز ومتى لا يجوز؟

الفتوى:

الحمد لله

تحرم المسألة إلا من سلطان أو في أمر لا بد منه؛ كإصابة المسلم بحاجة تحمله حمالة ونحو ذلك، قال عليه الصلاة والسلام: "المسألة كد يكد بها الرجل وجهه، إلا أن يسأل الرجل سلطاناً أو في أمر لا بد منه" (297)، وقال ? لقبيصة: "إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه: لقد أصابت فلاناً حاجة، فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، -أو قال- سداداً من عيش فما سواهن من المسألة يا قبيصة فسحت يأكله صاحبه سحتاً" (298) رواه مسلم.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو: عبدالله بن قعود

نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي

الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

ويصنع للجرار عرى ثراها ..... يد الشحاذ أو رأس الأمير.

كأنني ألمح من قوله: " يد الشحاذ أو رأس الأمير ": حالته النفسية التي دعته لقوله هذا، فكأنه يشير إلى أن الشحاذ والأمير كما أنهما لا يجتمعان في الحياة فلكل مكانه بعد الممات فلا يستويان، فيبقى ثرى الشحاذ بجانب وثرى الأمير بجانب آخر. وهو ما لا يكون أصلا وإنما يحيلنا ذلك إلى الحالة المتردية التي هو فيها، فكما يقال في المعركة: اختلط الحابل بالنابل - وهم أحياء وأجساد بشرية - فكيف بالموت وقد جعلهم ترابا تقلبه الرياح كيف شاءت؟

ويصنع للجرار عرى ثراها ..... يد الشحاذ أو رأس الأمير.

قارن بين اثنين في الشطر الثاني، فجعل للفقر الشحاذ وللغنى الأمير، وقد وُفق في الثاني، أما الأول فلا أراه أصاب، فليس كل فقير شحاذا بل مستحيل أن يكون كذلك. قال تعالى عن الفقراء: " تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا " هؤلاء الفقراء لا يسألون الناس شيئا فكرامتهم تأبى عليهم ذلك، وليس الشحاذ مشروط فيه أنه وصل لحالة جعلته يسأل، وإن كنت أرى أنه قد يخرج على أنه جعل الشحاذ رمزا للفقير، رغم أني لا أستسيغه.

والله أعلم، وأعتذر عن الإطالة وإضاعة وقتكم:).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير