تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أرست الدولة السعودية الأولى دعائمها في نجد واتخذت الدرعية عاصمة لها، وتوجهت نحو الحجاز لإلحاقه بها وتخليصه من البدع والشركيات التي انتشرت فيه. وكانت وسيلتها الأقوى دعوة القبائل الحجازية إلى الدعوة السلفية، وتحويل من يتبعها إلى دعاة ومجاهدين، وإقامة مراكز لهم في القرى والمدن. وفي الوقت نفسه مواجهة قوات العثمانيين وشريف مكة (الشريف غالب) في معارك تهدأ حيناً وتشتد حيناً. ووصل رجال الدولة السعودية الأولى إلى الطائف وزحفوا إلى مكة، وانضم أفراد ومجموعات من أفخاذ قبيلة حرب إلى الحركة حول المدينة وبدؤوا يحاصرونها.

وفي عام 1219هـ اشتد الحصار على المدينة، ولم يعد جنود الدولة العثمانية قادرين على حمايتها ووصلت أخبار انتصارات القوات السعودية في الطائف ومكة إلى المدينة، فازداد الشعور بالعجز عن المقاومة، ومال أهل المدينة إلى مفاوضة السعوديين وإنهاء الحصار.

وفي بداية عام 1220هـ اتفق أعيان المدينة على مخاطبة الأمير السعودي سعود بن عبد العزيز وبحث الصلح معه، وخرج وفد صغير من المدينة إلى الدرعية معه رسالة بذلك وقعها شيخ الحرم والقضاة وكبار الأعيان، والتقى بالأمير سعود واتفق معه على تسليم المدينة وتأمين أهلها وإنهاء البدع ومظاهر الشرك فيها، وعاد بالأمان ونفذت إجراءات الاتفاق في ربيع الأول عام 1220هـ واستقبل وجهاء المدينة القوات السعودية، وأعلنوا ولاءهم للدرعية، وأزيلت المزارات والقباب من فوق القبور، ومنعت البدع التي كانت رائجة من قبل مثل حفلات الذكر والموالد. ونعمت المدينة مقابل ذلك بالأمن والطمأنينة وتوقفت الغارات عليها، فقد تحول كثير من الغزاة وقاطعي الطريق إلى أتباع مخلصين للدعوة الإصلاحية، وتوقف الصراع على السلطة داخل المدينة وتولى مسعود بن مضيان الحربي إمارتها.

ووصلت قوافل الزائرين سالمة مطمئنة إليها، وفرض عليها أن تتخلى عن السلاح، الذي لم تعد إليه حاجة، وعندما رفضت قافلة الحج الشامية (المحمل) عام 1221هـ التخلي عن سلاحها منعت من دخول المدينة وعادت أدراجها.

وزار الأمير السعودي المدينة المنورة وأعاد تنظيم إداراتها تحت إمارة مسعود بن مضيان الحربي، وتوجهت الجهود إلى المحافظة على الأمن والاستقرار وتحقيق الرخاء ودعوة الناس إلى الأخذ بالمبادئ الإصلاحية وهجر البدع و الشركيات في حياتهم الخاصة والعامة.

وعاشت المدينة في ظل الدولة السعودية الأولى ست سنوات من الطمأنينة، وتوافدت إليها قوافل الزوار، وتحقق الأمن، وازدهرت جوانب من الحياة الاقتصادية، ونشطت حلقات العلم في المسجد النبوي.

وفي الوقت نفسه كان المسؤولون في العاصمة العثمانية استنبول في أقصى درجات الغضب، وغير قادرين على مواجهة السعوديين لانشغالهم بحروب أخرى في أوربا وأطراف الدولة العثمانية، لذلك توجهوا إلى واليهم على مصر محمد علي باشا وحثوه على إعداد حملة كبيرة لإعادة الحجاز إلى السلطة العثمانية والقضاء من ثم على الدولة السعودية الممتدة. وكان محمد علي باشا مشغولاً بفرض سيطرته الكاملة على مصر وإنهاء نفوذ المماليك تماماً. فلما تم له ذلك وشعر بالقوة استجاب لطلبهم ودافعه الأكبر توسيع نفوذه وإلحاق الحجاز وبقية الجزيرة العربية بدولته الناشئة في مصر. فبدأ تجهيز حملة ضخمة عام 1226هـ بقيادة ابنه طوسون باشا. اتجهت إلى ينبع وقضت على حاميتها السعودية الصينية. ثم تحركت باتجاه المدينة.

أرسل الأمير سعود بن عبد العزيز جيشاً قوامه ثمانية عشر ألف مقاتل وثمانمائة فارس بقيادة ابنه عبد الله لمواجهة الجيش الغازي، والتقى الجيشان في منطقة وادي الصفراء على بعد 120 كم من المدينة في 17 ذي القعدة 1226هـ وحدثت معركة صغيرة بين طليعة جيش طوسون وفرقة من الجيش السعودي قتل فيها عدد من السعوديين، وانسحبت الفرقة إلى الوادي واستدرجت جيش طوسون باشا إلى كمائن وحشود سعودية محصنة انقضت عليه وفتكت بأربعة آلاف من أفراده ونجا طوسون باشا بأعجوبة وفر الباقون وتشتتوا.

آثار النصر على المدينة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير