تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بما أن التفاسير قد بنت تأويلها على أن "المنسأة" هي العصا التي نعرفها, ويتكئ عليها صاحبها, وذهبوا إلى ما علمتم من تأويل "الدابة", فقد استمرت بتصويرها المرسوم للقصة, فنصبت سليمان على رجليه, وركزته على عصاه, حتى إذا نخرت العصا, خرّ الملك!.

هذا, عدا عن الالتفات إلى فترة مكثه ميتاً, لأن كل ما في التفاسير عنها رجم بالغيب.

فنقول: إن الميت إذا مات وهو واقف مستند إلى عصا, فسيخر لتوه, ولا تسنده العصا بحال, فما يُبقي الميت واقفاً, إنما هو عصبه وتوازنه هو!.

الزمن .. والعدد .. والحساب .. وسورة سبأ!.

كما بدأنا بحثنا, فالحديث يدور عن النبي الملك "المؤتى من كل شيء", والعلم في أسباب الأشياء وقوانينها على رأس هذه المأتيات, وعندما تحدثنا عن "المنسأة" وعلاقتها بالزمن والنسيء والعدد, فقد ربطت آية سورة التوبة بقوة بين هذه الثلاثة بشكل جلي {إن عدّة الشهور ... } , و {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ} (37) سورة التوبة.

فمن أول ما بدأ الحديث عن الرياح لسليمان, كان حساب الزمن حاضراً, خلافاً لكل آيات الرياح لسليمان في سائر القرآن, إذ لم يذكر الزمن إلا ها هنا {غدوها شهر ورواحها شهر} , والملاحظ هنا إن حساب الزمن يشير إلى فترتين مجموعتين "غدوها ورواحها", أي ذهاباً وإياباً, وهذا ما قد يؤشر إلى حساب خاص للزمن.

هامش للنظر والتدبر ..

27 كلمة في آية "المنسأة" ..

فما لهذا "العدد" وحساب "الزمن"؟.

أولاً, والملاحظ الملفت, أن آية "الزمن" التي قبلها بآية {غدوها شهر ورواحها شهر} , هي الأخرى بـ 27 كلمة, فما الـ "27"؟.

لا حاجة للتذكير بحضور الزمن في هذه العلاقات, بل الظاهر هذا الحضور بقوة, إذ وردت كلمة "الساعة" بصراحة في سورة سبأ مرتين, في الآية (3) والآية (30) فقط, فماذا وراء هذا؟.

أولا: الفرق بين "الساعتين" في الآيتين (27) آية.

ثانيا: الرقم (30) هو الوحدة الكاملة لوحدة الزمن "الشهرية", ولا خلاف أن "الشهر" هو الدلالة الزمنية هنا.

ثالثا: العدد (3) يشكل معشارا للرقم (30) , وهي النسبة الحسابية الوحيدة المذكورة في سورة سبأ في الآية (45) {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ} , كما لم تذكر في القرآن إلا هنا.

رابعا: عدد آيات السورة (54) آية, أي 27 x2

خامسا: السورة التي اتى فيها سليمان بالعرش "بلمح البصر" هي السورة (27).

سادساً: العدد (9) ذكر صراحة في السورة (27).

سورة سبأ (54) آية, فما السورة ذات الترتيب (54)؟ ,

وهل لها علاقة بالحساب والزمن؟.

إنها سورة "القمر" {والقمر نورا, وقدّره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب} ,

وفي ختامها قال الله {وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر} , كالتي في السورة (27) {قبل أن يرتد إليك طرفك}.

سابعاً: ذكر "القمر" في القرآن 27 مرة، وهو المتعلّق الأظهر بالزمن و"الساعة" {اقتربت الساعة وانشق القمر}.

الخاتمة "العددية" لسورة "سبأ" وللمنسأة!.

عجيب هو ختام سورة "سبأ"، إذ تختتم على وحي صريح بالنظام العددي للحساب الشامل المعروف لدينا, بعرض لم يشاركها به غيرها, واقرأوا معنا ..

{وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ, قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ}.

فها هو النظام "العشري والآحاد والزوجي والفردي" في آيتين متتابعتين في سورة واحدة!.

هل هي المعضلة الزمنية التي تشغل العلماء؟.

لن نخوض هنا في "النظرية" النسبية بالتعريف الذي يتداوله العلماء الفيزيائيون, فهي إلى الآن "نظرية"، ولكن نكتفي بالتذكير بحادثة الإسراء والعروج, فهي بالنسبة إليهم أمثل دليل وتشبيه, ثم ما ورد في سورة "المعارج" {في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة, فاصبر صبراً جميلاً, إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً}.

وهو عين ما آلت إليه سورة سبأ في خواتيمها ..

{وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ,

وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ,

وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ,

وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ}.

قريب قريب, بعيد بعيد ..

ألَعَلَهُ من مثل ما أوتي سليمان

فكان بـ"المنسأة" ينسأ الزمن,

فيزيد فيه ويؤخره لحاجة "نبي ملك"

على قريب قريب, أو بعيد بعيد؟!.

{ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل}.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

* منقول بتصرف لهدف نشر العلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير