تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن العرب من يتضجر من انتمائه إلى لسان العرب، ولا يكون ذلك إلا رقة في الديانة للتلازم الوثيق بين الإسلام دينا والعربية لسانا فهي أداة تبليغ الوحي، ولذاك حرص المستعمر الثقافي، إن صح التعبير، على طمس الهوية الدينية والهوية اللسانية معا، وفرنسا، بوصفها دولة كما يقول بعض الفضلاء تستعمر غيرها استعمارا ثقافيا قاهرا بفرض لسانها عليه، تعد مثالا ظاهرا لهذا النمط من الحرب الدينية اللغوية، ولذلك رفع من قاومها كالشيخ عبد الحميد ابن باديس، رحمه الله، في الجزائر شعار: "الإسلام ديننا والعربية لغتنا"، فمقابل الغزو الديني: "الإسلام ديننا"، وهو أمر تعاني منه الجزائر حتى اليوم ككثير من دول العالم الإسلامي التي عصفت بها رياح التنصير، كمصر وتونس والمغرب خصوصا على تفاوت بينها فعصف الريح يشتد في تلك الدول لقربها من القارة الأوروبية فضلا عن وجود كتلة نصرانية تشكل جزءا من نسيج المجتمع المصري توصف بأنها أشد كتل نصارى الشرق تعصبا وتحرقا لحرب الإسلام وأهله وواقعهم المعاصر، لا سيما في السنوات الأخيرة التي استطالوا فيها على ثوابت الديانة، خير شاهد على ذلك، وقل مثل ذلك في دولة مشرقية كالعراق بعد سقوطها في قبضة النصارى برسم الحرب الصليبية الجديدة فهي تشهد موجات تنصير عاتية لدقة ظرفها الإنساني وحرجه بعد انهيار مؤسسات الدولة وشيوع الفوضى وما يصاحب ذلك من ظروف إنسانية واجتماعية قاهرة، وما ذلك إلا انتهاز، عرف به النصارى، للظرف الإنساني الحرج الذي تعيشه تلك الدول من رقة في الدين والدنيا معا وهو أمر يمهد الطريق لأي فكر منحرف، ومقابل الغزو اللغوي: "العربية لغتنا"، إذ اللغة، كما تقدم، لسان الوحي الناطق، فلا يمكن لمن لا يتقنه، ولو جزئيا، أن يؤدي العبادات التوقيفية التي لا تسقط إلا بالعجز عن تعلمها كقراءة الفاتحة في الصلاة وسائر أذكارها المخصوصة وصفا وقدرا، وفرنسا إذ تسلك هذا المسلك المجحف تباين دولا أخرى كبريطانيا، على سبيل المثال، فقد استعمرت غيرها استعمارا سياسيا واقتصاديا بالدرجة الأولى، فلا يعنيها كثيرا فرض لسانها وآدابها اللغوية على الأمم التي تقهرها بحد السيف العسكري.

والشاهد أنه متى كان لسان فصيح فذلك مظنة الإسلام الصحيح، ومتى عدم أو داخلته العجمة دخل على الإسلام من النقص بقدر ذلك.

وقد وضع علماء اللغة معايير متباينة لتعريف الجماعة اللغوية فمنها:

أولا: المغيار اللغوي:

فأصحاب هذا المعيار يعتمدون في تحديد الجماعة اللغوية على حد الفرد الذي يتكلم بها، وذلك لا يحسم النزاع في تصنيف من يتكلم أكثر من لغة في إطار جماعة واحدة فمن يتكلم بالعربية والنوبية في جنوب مصر على سبيل المثال لا يمكن تصنيفه تبعا لهذا المعيار إذ تتنازعه كل جماعة منهما، فلسانه العربي يجعله عضوا في الجماعة العربية، ولسانه النوبي يجعله عضوا في الجماعة النوبية، فجنسيته اللغوية مزدوجة، والفصل لا يكون إلا على حد الإفراد لأفراد محدوده عن غيرهم فلا يقع التداخل بينهم كما هو واقع في هذه الصورة التي صار فيها الفرد عضوا في جماعتين، فهو بمنزلة القاسم المشترك الأكبر الذي يقع به العموم والخصوص الوجهي بينهما بتقاطعهما في هذا الفرد المشترك، وتلك نسبة لا تصلح للحد، إذ يجب ان تكون نسبة المحدود إلى غيره نسبة تباين يقع بها الفصل الكامل بينهما.

ثانيا: الوحدة السياسية:

فلكل دولة في دستورها المكتوب مادة تنص على لغة الدولة الرسمية، وإن لم تكن هي اللغة المستعملة في أنشطة الحياة اليومية، ويرد على ذلك أن هذا التعريف لا يحد أفراد الجماعة الناطقة بلسان واحد في كيان سياسي واحد فليس كل من يتكلم الإنجليزية بريطانيا ليصح هذا الحد السياسي، بل منهم الأمريكي والنيجيري والكيني والنيوزيلندي ...... إلخ من الدول الناطقة بالإنجليزية، وقل مثل ذلك في اللغة العربية فليس كل من يتكلمها عربيا من أهل اليمن معدن العروبة الخالص، بل منهم المصري والعراقي .......... إلخ فلا كيان سياسي يجمعهم مع تبجحهم بشعارات الوحدة وإقامتهم لمؤسسات صورية كالجامعة العربية التي ليس لها من اسمها نصيب!.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير