تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فضلا عن ذلك، يعالج هولشر على نحو شامل العوامل الإيقاعية الأساس التي تجدد جوهر كل الأوزان. ويقول بهذا الخصوص: إن أبسط مجموعة إيقاعية، وهي الدقة أو التفعيلة، لها تقسيمات زمنية محددة، وتحتوي على "تغير منتظم من الخفيف إلى القوي"، بيد أنه لم يقم بتحديد هذين العاملين أكثر من ذلك. ووفقا له، إن قيمة الزمن الإيقاعية للمقطع، تكون دائما وحدة حسابية واحدة بصرف النظر عن مقدارها. ولا يمكن تطبيق القانون الذي يكون بموجبه المقطع الطويل ضعف المقطع القصير من حيث الطول على الشعر العربي. وعلى نحو مشابه، يعترف هولشر بوجود نبرة إيقاعية، ويذكر: إن الفاصلة الموسيقية تحتوي على جزأين مرتبطين ارتباطا فاعلا. والثاني هو الأقوى دائما. ويؤكد في الوقت نفسه أن النبرة الأقوى لا ترتبط في حالة كونها حرة بأي من نقطتي الضغط.

ركز ألفريد بلوخ ( Alfred Bloch) على الفرق الواضح الموجود بين المقاطع الطويلة، والقصيرة؛ وذلك على عكس ما فعله هولشر. وقادته دراسته المفصلة لنماذج من النثر العربي القديم، والسهولة التي تجعلها تناسب كل الأوزان إلى القول بأنه بالمقارنة مع لغات أخريات؛ فإن اللغة العربية القديمة امتلكت ميزات صوتية نموذجية وحقيقية وجعلتها تتناسب مع نظام الأوزان الكمية. علاوة على ذلك، عد بلوخ الكمية العامل الوحيد الذي يشكل الذي يشكل إيقاع الشعر، ولم يقبل الافتراض الخاص بالنبر مؤيدا بذلك ما ذهب إليه رودلف جير ( Rudolf Geyer) في هذا الخصوص.

والسبب في وضع مثل هذه النظريات المتنوعة والمتناقضة المتعلقة بجوهر الأوزان العربية يكمن في حقيقة أننا لا نملك سجلا خاصا بإلقاء القصائد القديمة، وفي طبيعة شروح العروضيين العرب وتفاسيرهم التي لها طبيعة لا تقبل النقاش، مما خلق لها وضعا منفرا يجعل من تجاهلها كلها أمرا مبررا. ولذلك، نجد متخصصين مختلفين تناولوا هذه المادة انطلاقا من وجهات نظر شخصية "القياس الموسيقي، وأشكال القياس مع أشعار الشعوب الأخرى .. وغير ذلك". ولا يمكن فعليا تبرير أي موقف من الموقفين حيال نظام العروض العربي (اللذان يتراوحان بين القبول غير النقدي أو الرفض المباشر). أما بخصوص الموقفين المتعلقين بمذهب العروضيين العرب فلا يمكن أن يكون واحد منهما مبررا في واقع الأمر "الموقفان هما: القبول غير المتفق مع قواعد النقد النزيه، أو الرفض التام". من المؤكد أن لغويا مشهورا مثل الخليل صاحب المساهمات الأصلية، والمعترف بها حتى يومنا هذا، باعتباره عالما في الأصوات، والنحو، وتأليف المعاجم لا يمكن أن يكون قد أنشأ الدوائر "العروضية" الخمس، والنظام العروضي المعقد المرتبط بهذه الدوائر عبثا. وبإمكاننا أن نفترض وبشيء من اليقين أن الخليل قصد بذلك أن يعبر عن ملاحظات محددة كان قد توصل إليها عندما استمع إلى القصائد القديمة. وانطلاقا من هذا الافتراض، فإن مؤلف هذه الدراسة قام بتحليل أجزاء نظام الخليل كلها سعيا وراء الوصول إلى الجوهر الحقيقي لنظرية الدوائر. وما سنذكره فيما يلي يعطينا أهم النتائج لتلك البحوث التي تتناول على نحو واضح الخصوصية المميزة للأوزان العربية القديمة.

أ/ رتب الخليل قصدا تفعيلات البحور داخل الدوائر وفق علاقات معينة بين بعضها وبعضها لكي تكون كل الأصوات المتحركة، والساكنة في وضع متناسق ومنسجم، أي كل مقاطع التفعيلات الطويلة، والقصيرة كلها. وقد أوضح وفق هذه الطريقة طول المقاطع على نحو بياني؛ مع أنه لم يستخدم مصطلحا يدل على ذلك. وبما أن اللغة العربية تستطيع سلفا ومن تلقاء نفسها عكس كمية المقاطع؛ فإنه لم تكن هناك حاجة تدفع الخليل لإنشاء الدوائر لو كان يسعى وقتها فقط لعمل بيانات تتعلق بطول المقاطع في التفعيلات. ولذلك، فإننا نفترض من البداية أنه قصد أن يعبر عن شيء إضافي آخر يتعلق بإيقاع الشعر العربي عن طريق هذا الترتيب للبحور في الدوائر.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير