تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ب/ في حين استخدم العروضيون الإغريق مصطلحات للتفعيلات لا تنص على شيء اكثر من التتابع المحدد للمقاطع الطويلة، والقصيرة، اختار الخليل ألفاظا يسهل تذكرها لتحل محل التفعيلات الثمان الأساس التي تقابل كلمات موجودة فعليا في اللغة العربية. ولكن النبر هو الرابط الذي يدمج المقاطع في كلمة متحدة "الأجزاء". وعليه، فإننا نميل إلى افتراض القول بأن الكلمات المساعدة للذاكرة والدالة على التفعيلات "المختلفة" يقصد منها الإشارة إلى وجود مقطع واحد في كل واحدة من هذه الكلمات يجب أن يكون منبورا.

ج/ يقوي هذا الافتراض وفقا للطريقة التي جزأ بها الخليل التفعيلات إلى العناصر المكونة لكل واحدة منها. وفي حين قبل الإغريق فكرة المقاطع القصيرة، والطويلة باعتبارها وحدات وزن أساس، عاد الخليل لاستعمال ألفاظ فعلية (أقصر الكلمات القابلة للنطق بطبيعتها) لتدل على تلك الأجزاء الصغيرة. وكذلك، فإن تلك الكلمات تفصح عن أمر يتعلق بالنبر الموجود فيها. فالسببان، أي (صور تتابع المقاطع مثل: "قد" = ــــ، و"لَكَ" = ب ب)، لا يملكان النبر من في ذاتهما نثرا أيضا، ولكنهما يكيفان نفسيهما مع الألفاظ السابقة واللاحقة (تدغم بالكلمات السابقة واللاحقة)؛ في حين نجد في المقابل أن في كلمتي الوتد: (لَقَدْ = ب ـــ، وَقْتَ = ـــ ب) نبرا واضحا. وعندما تؤلف المقاطع عبر أشكالها المختلفة من التتابع بيت شعر باعتبارها مكونات وزن للتفعيلة، يكون لديها عندئذ وظائف إيقاعية محددة. فالسببان بوصفهما جزأين غير منبورين في التفعيلة، ليس لديهما تأثير في تشكيل الإيقاع، ولذلك فهما معرضان إلى تغييرات كمية (الزحافات)؛ بيد أن الوتد، بوصفه حاملا للنبر، هو الذي يؤلف الجوهر الإيقاعي في الوزن، ويظل داخل البيت صامدا لا يؤثر فيه أي تغيير سواء كان ذلك التغيير متعلقا بتتابع المقاطع، أو كميتها كما ذكرنا من قبل. واعتمادا على معرفة أي من الوتدين المتقابلين هو الذي شكّل جوهر التفعيلة يكون حصولنا على إيقاع متصاعد، أو متناقص.

د/ ويصبح الافتراض الثابت بأن مقاطع البيت تلك التي تشكل عنصر الوتد هي التي تحمل النبر الإيقاعي، أمرا أكيدا باعتباره نتيجة للحجة التالية، التي تظهر الغرض البين من إنشاء الدوائر الخمس. إن أربعا من التفعيلات الثمان الأساس فقط يمكن تقطيعها بشكل تام، من دون أي غموض؛ وهي التفعيلات التالية: فعوـ لن، مفا ـــ عي ـــ لن، مفا ـــ عَلَـ ـــ تن، مفـ ـــ عو ـــ لاتُ. ولأنه من اللازم أن يكون لكل تفعيلة وتد؛ فإننا لا نستطيع تقسيم تلك التفعيلات الأربع إلى عناصرها إلا بهذه الطريقة المذكورة، حيث تتم الإشارة للوتد عن طريق حروف كبيرة. وبعبارة أخرى، إن المقاطع التي تحمل النبر الإيقاعي في هذه التفعيلات الأربع تم بناؤها بشكل واضح. وعليه، فقد بات من الواضح أي المقاطع اللفظية تحمل النبر في البحور الأربعة (الطويل، والوافر، والهزج، والمتقارب)؛ لأن هذه البحور تحتوي على تفعيلات غير غامضة على وجه الحصر. ولكن، وفقا لمذهب الخليل هناك طريقتان لتحليل التفعيلات الأربع الأخرى الأساسية، أي إما: فا ـــ علن، مس ـــ تف ـــ علن، فا ـــ علا ـــ تن، متـ ـــ فا ـــ علن؛ أو: فاع ـــ لن، مس ـــ تفع ـــ لن، فاع ـــ لا ـــ تن،

مت ـــ فاع ـــ لن. وبعبارة أخرى، يمكن للنبر الإيقاعي في هذه التفعيلات الأربع فعليا أن يرد وقوعه في مقطع مختلف من أية حالة؛ ووفقا لذلك فإن كل البحور التي تشتمل على هذه التفعيلات الأربع يمكن أن يكون فيها إيقاع متصاعد، أو آخر متناقص. وفي حالة تلك البحور التي فيها قدر من الغموض، والتي تشكل الجزء الأعظم من البحور الموجودة، هناك أسلوب واحد ممكن للتبيان بشكل واضح عن الفكرة المتعلقة بأي من الطريقتين الممكنتين تجب قراءة هذه البحور؛ ويتمثل هذا الأسلوب في وضعها في واحدة من الدوائر الخمس. وقد نشأت الآلية الداخلية المدروسة التالية باعتبارها السبب الحقيقي في إنشاء الدوائر. فالبحر الأول في كل دائرة ـــ باستثناء الدائرة الرابعة ـــ هو البحر الرئيس الذي يحتوي فقط على تفعيلات غير غامضة، يكون فيها وضع الأوتاد محددا على نحو تام. بيد أن البحر الثاني والثالث يحتويان على التفعيلات الغامضات الأربع. ولو دونا الألفاظ التي يسهل تذكرها لهذه البحور في وضع تكون له صلة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير