تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الخصوصية المميزة للبناء الإيقاعي في الشعر العربي القديم هي في نفسها برهان كاف، على أن الأوزان العربية تمثل نموا أصليا لم ينقل من مكان آخر للتراب العربي. ويحسن أن نذكر هنا من باب الرغبة في الوصول إلى صورة كاملة أن تكاتش ( Tcatsh) – مجلد 1، فيينّا، 1928، 99 ورقة – افترض أن "أبناء الصحراء الأميين" تلقوا علم الإغريق الخاص بنظامهم العروضي، وذلك عبر التدخل المسيحي – الآرامي، ثم طوروه بعد ذلك. ولكن لم يجد هذا الافتراض قبولا، بل لقي اهتماما ضعيفا بسبب ضعف أدلته.

ظل شكل القصيدة حيا إلي يومنا هذا، وكذا الحال بالنسبة للأوزان القديمة المستخدمة فيها، وإن كان ذلك في مجال محدود. هناك مادة كثيرة في ديوان سوكين Socin [ لايبزيغ، 1901م، ت. 1 – 3] حيث ذكر الأدب الأقدم أيضا في المجلد 3، ص 1). ولا تزال القصيدة العربية وأوزانها القديمة قيد التداول حتى يومنا هذا بواسطة البدو، ولكنها نادرا ما يتداولها شعراء آخرون، وذلك عندما يقرر الواحد منهم بوعي الظهور بمظهر الشاعر القديم. وعادة ما يكون وزن القصيدة البدوية الحديثة من بحر الطويل، مع حذف المقطع الأول. ويستخدم البدو كذلك بحور: الرمل، والبسيط، والرجز، والوافر. باعتبار أن هذا الشكل من الشعر الحديث استمرار مباشر للشعر العربي القديم من حيث المضمون، والشكل، واللغة، يمكن تطبيق قواعد علم العروض عليه كلها. بيد أن هذه القواعد لا يمكن تطبيقها على الشعر العربي الشعبي الحقيقي الذي ترجع آثاره إلى العصر الجاهلي. وقد تمت العناية بهذا النوع من الشعر بدرجة عظيمة في القرون المتأخرة. ويختلف هذا الشعر الشعبي عن القصيدة القديمة لأنه يفتقر إلى وجود القافية الرتيبة التي تتكرر عبر القصيدة كلها؛ ولكن يوجد فيه بناء استروفي غني ذو مقاطع غنائية قصيرة. ويختلف أيضا عن القصيدة القديمة بكونه متحررا فيما يتصل باختيار أفكاره. ولعل الاختلاف الأكثر بينهما الذي يتمثل – على وجه الخصوص – في فكرة أن لغة الشعر الشعبي هي لغة الحياة اليومية. ولكن، فالبناء الصوتي للغة الشعر الشعبي يختلف على نحو جوهري عن البناء الصوتي للغة الأدب العربي القديم. فالنبر القوي التعبير واضح في اللغة العامية يسبب تقصيرا في الحركات الواقعة على حروف اللفظة حذفا في نهايات الألفاظ كذلك. وإذاَ، نتيجة لذلك، لم نعد نجد التعاقب المنتظم للمقاطع الطويلة والقصيرة ولا العلاقة الثابتة على الدوام في كمية المقاطع التي تمثل أكثر الصور المميزة للغة الأدب القديمة، ويحدد ذلك في ذاته إيقاع الشعر. وعليه، فإننا لا نتوقع أن نجد في الشعر الشعبي الأوزان التي وجدها الشعراء القدامى، وجعلوها ملائمة للبناء الصوتي للغة الأدب العربي. فهنا كما هو الحال في اللغة العامية، نجد أن النبر هو العنصر الغالب. فضلا عن ذلك، فإن الشعر الشعبي يكتسب قوة عندما تنشد الأغاني لأن المقاطع المنبورة تقوّى عندئذ من خلال طرق آلات (إيقاعية) أو التصفيق بالأيادي. والحق أن دراسة الأشكال المختلفة للشعر العربي الشعبي تقع خارج إطار موضوع العروض الذي يُعنى فقط بأوزان الشعر القديم.

ـ[سليمان أبو ستة]ــــــــ[24 - 11 - 2009, 02:59 م]ـ

وفي النظام العروضي الذي اعتمده الفرس، فإن أبرز صوره تتمثل في التأكيد على فكرة الكمية. وقد أعطى هذا الأمر الشعر الفارسي نوعاً من الخفة، والإيقاع المطرد الذي تتقبله أذن المتلقي بسرعة. ولم يكن هذا الأمر مألوفاً في إيقاعات الشعر العربي التي تتميز برهافة أكثر. وتزاد حركة قصيرة إضافية للكلمات المختومة بحرفين صحيحين (ما عدا حرف النون) مسبوقين بحركة قصيرة، ولتلك التي تنتهي بحرف صحيح واحد مسبوق بحركة طويلة. وهذه الـ (نيم فتحة) كما تسمى لا ينطقها الفرس الآن. ونظرا لضرورة الشعر، فإن مقاطع طويلة معينة يمكن أن تصبح قصيرة وفقا لما يقتضية أمر تقطيع الشعر. ومن أنواع القصيدة المستخدمة فإن المثنوي، والرباعي هما أكثر الأشكال المميزة في الشعر الفارسي. وكانت عندهم القصيدة السابقة قصيدة متعددة القوافي، وكانت تنظم في مقاطع شعرية يتألف الواحد منها من بيتين تكون نهاية الشطر الواحد منهما مماثلة لنهاية الشطر الثاني من حيث القافية. ولذلك، فإن الحرية المتاحة هنا جعلت هذا الشكل من الشعر يلائم الشعر الملحمي والشعر الوعظي على نحو واضح. ويقال إن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير