تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[سليمان أبو ستة]ــــــــ[25 - 11 - 2009, 06:52 ص]ـ

سوف أغض الطرف هنا عن ركاكة الأسلوب الذي نقل إلينا المترجم بواسطته معاني هذا البحث العروضي الهام، وأركز بادئ ذي بدء على دقة المعنى المنقول وما إذا كان هذا هو بالضبط ما قصده المؤلف أم أنه كان يعني شيئا آخر.

يبدأ المقال بتعريف علم العروض بقوله: " علم العروض: مصطلح فني يدل على الأوزان القديمة للشعر العربي". وقد استغربت من هذا التعريف الذي فاجأني من بداية المقال .. الأمر الذي جعلني أقرر اتخاذ الأصل رفيقا لي للمساعدة في فهم المضمون، والتخلي عن متعة قراءة الترجمة إلى الشروع في الاشتباك مع مضامينها المشوشة في غالب الأحيان.

لقد ساءلت نفسي: إذا كان هذا المصطلح يدل على الأوزان القديمة، وهي التي لا نزال نستخدمها حتى اليوم، وإذن فما يكون شأن المصطلح الذي يدل على الأوزان التي استحدثت فيما بعد، سواء كان استحداثها من قبل الخليل أو ممن جاءوا بعده. ولقد ظننت في البداية أن المؤلف قد ذكر الأوزان metres في تعريفه هذا، غير أني رأيته يشير إلى ذلك بمصطلح آخر هو metrics الذي يشير إلى (نظام أوزان الشعر) وهو ما نراه في ترجمة هذا المعنى في مواضع أخرى من المقال. لقد كان نص العبارة هو: ‘ Ilm al-‘Arud is the technical term for ancient Arabic metrics وهو ما ينسجم مع فهمنا لمعنى علم العروض من حيث أنه يدل على نظام الوزن لا على الأوزان بعينها. ومن هذا المنطلق كنت أود لو أنه ترجم عبارة the science of metre بعلم الوزن (بوصفه مصدراً، وليس اسما مفردا للبحر) بدلا من قوله (علم الأوزان) وليتفق ذلك مع قوله (علم القافية) التي عرفنا مشكورا بأنها مفرد كلمة "قوافي" (التي يتوجه بها فايل إلى القارئ غير العربي في ترجمته لهذه العبارة العربية أصلا Ilm al-Kawafi, sg. Kafiya ).

ويقول المترجم: " ويقترح جورج ياكوب Georg Jacob ( باحث في الأدب العربي) ولا بأس بهذه الإضافة الي وضعها بين هلالين لو لم يكن يقصد بها ترجمة للعبارة الي أثبتها فايل بنصها الألماني وهو:

Georg Jacob (Studien in arabischen Dichtern, 180) has suggested ولم يكلفني التأكد من معناها أكثر من وضع العبارة على المترجم الآلي لأجده يعطيني معنى مغايرا لما ذكره المترجم. ولقد كانت هذه الترجمة ستمر علينا (أو نمر عليها) مرور الكرام لولا أنه لفت نظري الرقم الذي لم يشر إليه المترجم، وهو ما يبدو واضحا أنه إشارة إلى رقم الصفحة من الكتاب المشار إليه. وقد كنت أعجب خلال قراءتي للموضوع كيف أنه لم يقم بترجمة كل تلك العبارات التي أثبتها المؤلف بنصها الألماني، وهي كثيرة متناثرة في طيات المقال، ثم حمدت الله أنه لم يقم بذلك بعد أن عرفت قدراته على الترجمة عن الألمانية من خلال وصفه للمستشرق جورج ياكوب. ثم يقول بعدها " بناقة عنيدة (عروض) " ولا بأس هنا باستخدام كلمة "عنيدة " ترجمة لكلمة obstinate غير أن من اعتاد على قراءة الموضوع بالعربية يعلق بذهنه قول العرب وصفا لهذه الناقة بأنها "صعبة" وهو ما كنت أود لو أن الباحث اختار هذه الكلمة بدلا من تلك لأن فايل كان يقصد الوصف الذي جاء به العرب القدماء أنفسهم لا الوصف الذي استسهله أحفادهم المحدثون.

ولم يكن في متناول يدي المرجع الذي أشار إليه ياكوب من ديوان الهذليين، وهو بالمناسبة معنى شائع في وصف الناقة الصعبة بالعروض، قال أبو حية النميري:

وإذا ابتدأت عروض نسج ريض ... جعلت تذل لما أريد وتسهل

حتى تطاوعني ولو يرتاضها ... غيري لحاول صعبة لا تقبل

وأنشد ثعلب لحميد:

فما زال سوطي في قرابي ومحجني ... وما زلت منه في عروض أذودها

وأنشد الجوهري والصاغاني لعمرو بن أحمر الباهلي:

وروحة دنيا بين حيين رحتها ... أخب ذلولا أو عروضا أروضها

ونمضي قليلا مع هذا النص المترجم، لأفاجأ بورد كلمتين غريبتين لا يتسق معناهما مع السياق العام لموضوع البحث، وهما كلمتا (مجاز محدد) عقب اقتباس وضعه فايل مشيرا به إلى ( E.W. Lane ) ، صاحب المعجم الشهير الذي سمي باسمه، وذلك كما تقضي الأمانة العلمية للبحث. أما ترجمة كلمة lane بأنها مجاز محدد فقد جاء اتكالا منه على المعاجم اللغوية التي لا تفيد في كل الأحوال.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير