تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن الترجمة التي تتجاهل هذه المعمارية في القرآن الكريم، تشوه النص، وتكون مثارا لشكوك كثيرة تنتاب المتلقي، عندما تتعارض مفاهيمها مع منطق الأشياء والفطرة فيه. أو تحمل إليه اللغة التي لم تتعرف على حدودها الدلالية عكس ما حملت اللغة المصدر من بيان عن الله عز وجل. وإن المتتبع لملاحظات "حدروق ميموني" على الترجمات يكتشف مقدار الجناية التي ارتكبتها الترجمات في ادعائها القدرة على نقل النص القرآني في جملته. بل إن هيمنة المعتقدات المسيحية على المترجم، وتجاهله لمراجعة التفاسير، جعله يقع فريسة المقابلة بين العقيدة المسيحية والعقيدة الإسلامية، يجري فهمه للأولى على الثانية، فيشوه روح الدين، قبل تشويه روح النص.

5 - النص والترجمة:

يعلن "حدروق ميموني" ابتداء أن ترجمة القرآن الكريم مستحيلة، بل متعذرة. وأن الترجمات التي قدمت للقرآن الكريم لم تقدم للآخر حقيقة النص القرآني، بل على العكس من ذلك، عملت على تشويه حقيقته المشرقة، ومسختها في خليط من التصورات المسيحية والوثنية. بل لم يجد في مقدمات الترجمات ذكرا للداعي الذي أقحم هؤلاء معترك الترجمة، إلا عند "كازيميرسكي" " KAZIMIRSKY" الذي يصرح بأنه قد كلف بمراجعة ترجمة "سفاري" " SAVARY" التي كانت مشايعة للقرآن. (25) ولم يبن الباقون المآخذ التي دعتهم لمعاودة الترجمة. وكأن فعل الترجمة في كل مرة، وعند كل واحد منهم يحمل هما جديدا غير معلن عنه، وإلا فما الداعي إلى ترجمة كتاب قد ترجم مرات عديدة إن لم يكن هناك من داع قوي يعطي للترجمة الجديدة مكانتها في درجات التحقيق العلمي؟.

لم يكن هم المؤلف تتبع الترجمات كلها، تتبعا منهجيا آية آية، فذلك جهد معتبر، قد يستغرق مؤلفات عديدة، ولكن اقتصر مراده على عينات يقدمها للتدليل على سوء الفهم لحقيقة القرآن الكريم أولا، وعلى سوء القصد وراء الترجمة ثانيا، وعلى الجهل الصراح باللغة العربية وطرق تأديتها المعنى. لذلك أخذ المؤلف يقتطف من الترجمات موقفها من الآية الواحدة، ليكشف عن المزالق التي يركبها المترجم جهلا، وسوء فهم، وجنفا عن القصد. نحاول أن نختار منها ما يناسب التقسيم الثلاثي لطبقات النص القرآني الذي عرضناه من قبل، على سبيل التمثيل أولا، وعلى بيان أهمية الكتاب ثانيا، وعلى وجوب قيام مشروع ضخم لمراجعة الترجمات جميعها قصد المبادرة في ترجمة حقيقية للقرآن الكريم، يضطلع بها أهل العربية قبل غيرهم من الأقوام والأجناس. ما دامت مهمة التبليغ تقع على عاتقهم، وفيهم من يحسن من اللغات ما يجعل الترجمة خير رسول يبلغ عن القرآن الكريم مقاصده إلى البشرية.

5 - 1 - ? إني جاعل في الأرض خليفة?

- KAZIMIRSKY. JE VAIS ETABLIR SUR TERRE UN VICAIRE.

-PESLE. QU’IL VOULAIT AVOIR SUR TERRE UN REPRESENTANT.

-HAMIDOULLAH .JE VAIS DESIGNER UN LIEUTENANT.

-BLACHER .JE VAIS PLACER SUR TERRE UN VICAIRE.

-MASSON. JE VAIS ETABLIR UN LIEUTENAT SIR TERRE.

-MAZIGH. J’AI RESOLU D’ETABLIR UN LIEUTENANT A MOI.

-KECHRID .JE VAIS PLACER SUR TERRE UN SUCCESSEUR.

إن لنا في مقابل "خليفة" ألفاظا تبتعد عن المراد الإلهي من اللفظ العربي. فلفظ " VICAIRE" يحيل على فهم مسيحي لاهوتي صرف، يجعل الخليفة في درجة "البابا" الذي ينوب عن "الرب" في الاعتقاد المسيحي. أما لفظ " LIEUTENANT" فهو الذي يخلف رئيسه المباشر في المهمات. فأين هو مراد الله عز وجل من لفظ "خليفة"؟. (26)

5 - 2 - ? هن لباس لكم، وأنتم لباس لهن ?

- KAZIMIRSKY.ELLES SONT VOTRE VETEMENT ET VOUS ETES LE LEUR.

-BLACHER.ELLES SONT UN VETEMENT POUR VOUS ET VOUS ETES UN VETEMENT POUR ELLES.

يعلق "ميموني" على هذا اللون من الترجمة قائلا: «منا هنا أرى ابتسامة ترتسم على شفتي كزيميرسكي وبلاشير، لأنهما فرضا على المترجمين ترجمة تجعل القرآن الكريم مثار سخرية.» (27) فالترجمة الحرفية لن تبلغ أبدا المقصد الكامن وراء دلالة "اللباس" التي تنصرف بطرق التأويل إلى المحافظة، والأمن، والسكينة، والستر، والاستقرار، وكل ما تحمله العشرة الزوجية من استمرار للنوع. فالاقتصار على المستوى الحرفي في هذا الموقف من شأنه أن يثير الاستغراب في ذهن المتلقي، ويدفعه إلى التساؤل عن جدية النص في مراده.

5 - 3 - ? يسألونك عن الخمر والميسر?

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير