تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هل تظنه صدق؟، أم أنه تملق وصفاقة وجه من أجل حفنة دراهم؟

ويقول أيضا:

يامن ألوذ به فيما أؤمله ... ومن أعوذ به مما أحاذره

لايجبر الناس عظما أنت كاسره ... ولايهيضون عظما أنت جابره

أنكر ابن تيمية عليه هذا القول في حق إنسان،وقال: ربما قلت هذين البيتين في السجود أدعو الله بما تضمناه من الذل والخضوع!

أقول: لاعجب، لأن هذه خسة نفس من أجل المال، وذمة المتنبي عريضة إذا كان المال ندها،وشر الناس من اتقاه الناس لفحش لسانه، ولا أحد يوافقه على ماقال، في حين أننا نوافق من قال:

أصون عرضي بمالي لا أدنسه ... لابارك الله بعد العرض بالمال

ما أجملها من صيانة،لكنها غير موجودة في قاموس المتنبي 0

والمتنبي رغم أنه يهوي بعرضه إلى الحضيض، إلا أنه متكبر على من هم أدنى منه، وصدق من قال: ماتكبر أحد على من هو دونه إلا بقدر ما خضع لمن هو فوقه0

وخلاصة القول، المتنبي لايستحق في نظري أن أسرف في وقتي لأجمع لك آراء بعض الأدباء عنه، ثم تقول لي: هؤلاء من أعداء المتنبي وما أكثرهم!

أقول هذا مع احترامي الكامل لأذواق جمهور المتنبي، ومن جهة الشعر فعلو كعبه في الشعر أعلى من حكمي عليه، ومن أنا حتى أحكم عليه، أما أبرز أغراض شعره وطباع شخصه، فهو التسول من الطراز الأول (مع مرتبة الشرف)، لايعجبني شعره لهذا السبب، وفي غيره من الشعراء من هم أعف وأطهر نفسا، وأصدق وأجمل شعرا، والأمر فيه سعة،ولاتحجروا واسعا، فهذا الراعي النميري يرى بعض النقاد أنه شعره أجود من شعر جرير وأقوى، ولكن شعر جرير طمسه، فالمسألة كما أسلفنا ذوق لاغير،أما مسألة أن يأتيني من يلزمني بأن افضل المتنبي على الأخطل وطبقته وعلى المتقدمين والمتأخرين، فهذا " إرهاب " لانرتضيه ولانقبله على أية حال، وليعذرني الإخوة والأخوات إن بدر مني خطأ أو زلل،فالأمل على ذلك منهم معقود،وهذه آخر مشاركة مني في هذا الموضوع، لأني استقصيت ما أعرفه عن هذا الأمر،مع أن معرفتي فيه ضئيلة،وربما صرفنا الوقت بموضوعات أنفع وأجدر بالاهتمام 0

والسلام عليكم

بقي أن اشكر الأستاذ بديع الزمان وأقول له: جزاك الله خيرا على هذا الطرح المميز،ومهما يكن من أمر ثبوت نبوة المتنبي وعدمها، فثبوتها لاينفي شاعريته، وشاعريته لاترفع من خسة قدر شخصيته ودناءة نفسه0

ـ[السراج]ــــــــ[31 - 05 - 2005, 11:32 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أستاذنا العزيز .. خزانة الأدب .. شكراً لك على اختيار الموضوع ..

مشرفنا الغالي أبا سارة .. مرحبا بك ..

معجب بهذا المنتدى المتميز .. وما يزيد إعجابي تفرده بموضوعات مثرية ومناقشات مفيدة وهنا وجدت حواركم الشيق عن الشاعر العربي أبي الطيب المتنبي .. فأحببت المشاركة لأسجل اسمي في هذه الوثيقة البراقة .. الصافية بكلماتها الصادقة ..

لاغرو من يقرأ أشعار العرب وأحاديثهم وأخبارهم الخالدة قد توقف أو حفظ قلائد أبي الطيب وتتبع قصصه وأخباره الناقدة واستمتع بأحاديثه مع سيف الدولة .. وقصائده التي طارت في الآفاق .. حتى ليقال أن عند وفاة أخت سيف الدولة أرسل المتنبي له رسالة تعزية وهي قصيدته المشهورة ومطلعها:

يا أخت خير أخ يا بنت خير أب ** كنايةً بهما عن أشرف النسب

وفيها البيت التالي:

طوى الجزيرة حتى جاءني خبر ** فزعت فيه بآمالي إلى الكذب

فكان كل الملوك والأمراء يرسلون تعازيهم إلى سيف الدولة يصدرون هذه الرسائل بهذا البيت (طوى الجزيرة ... )

وما هذا النقاش والحوار (الذي يثري عقولنا ويفيدنا في إبداء الرأي بلا تحيز أو تعصب) في هذا المنتدى الرائع إلا من (تنبؤات) أبي الطيب .. ألم يقل:

أنام ملء جفوني عن شواردها ** ويسهر الخلق جراها ويختصم

إن المتأمل والمتتبع لشعر أبي الطيب يجد عبقرية نافذة وأسلوب عجيب في استحكام البيت الواحد ويتبع ذلك قوة ومتانة القصيدة بتمامها .. وقد شهد النقاد المتقدمين والمتأخرين ببراعة أبي الطيب في سوق الكلمات إلى عقده لتخرج متوشحة بفنه فرائداً للزمان ..

أخي أبا سارة ..

قلتُ في بداية مداخلتي:أما شعره، فهو شعر الشاعر المحكم المتمكن وبه قيل للمتنبي: شاغل الناس 0

وكان كلامي عن شخصه وخسة نفسه التي يرتقها بشعره،لاشعره0

قلت أن شعر المتنبي شعر حكيم محكم ومتمكن به .. ونعرف أنه نظم الشر العجيب الجميل .. ألا ترى (أخي ابا سارة) أن هذا الشعر كان يخرج من إنسان جميل حكيم ..

فكان الشاعر العربي (الحيص بيص) يقول مفتخراً:

ملكنا فكان العفو منا سجية ** فلما ملكتم سال بالدم أبطح

فحسبكم هذا التفاوت بيننا ** وكل إناء بما فيه ينضح

نعم (كل إناء بما فيه ينضح) .. إن شعر أبي الطيب صورة صافية عن شخصيته الجميلة الصابرة .. هو الهارب إلى غير وطن المتعالي على كل المحن .. وجد بلاد الإسلام تتفترسها الحروب والأعداء فكان يمني نفسه بملك يقود المسلمين إلى وحدتهم ويرجع أمجادهم .. وجد ضالته في شخص سيف الدولة الحمداني أمير حلب (وهو يستحق ذلك) وجد فيه الإخلاص والشجاعة والكرم والبسالة والأدب .. وكتب الأدب تذكر ذلك .. ألا يستحق ذاك المديح!! ألا يستحق تلك السيفيات المطولات!! ألا يستحق تلك الفرائد وهو المدافع عن ثغور الإسلام .. وهو محارب للروم!! وهل كان مديحه له (وهو الباحث عنه) هل كان تملقاً!!

إن أبا الطيب يا مشرفنا الكريم أعجوبة وظاهرة فريدة .. والكلام يطول عنه ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير