عشتُ أيام طفولتي بكل حنان وبراءة بين والديّ وإخوتي، حتى بلغت سن الخامسة عشرة وكنت وقتها أدرس في المرحلة المتوسطة.
وفي يوم من الأيام دخلت غرفة والدي، فوجدته على غير الحال الذي كنت أراه فيها.
كان بيده مسحوق يضعه على ورقة قصدير ويقوم باستنشاقه، ثم يقوم بحركات غريبة لم تقع عيني على مثلها.
لم أكن أعلم حقيقة ما يجري .. إذ لم أرَ هذا المسحوق الساحق في حياتي .. بل لم أكن أعلم عن المخدرات شيئاً .. وقبل هذا كله وفوق كل اعتبار فأنا أريد أن أكون رجلاً مثل أبي في كل شيء .. لأنه (كما أظن) أبي.
تقدمت إليه .. وبدافع بريء من حب الاستطلاع والتقليد طلبت منه أن أشاركه، لكنه انتهرني وطردني من الغرفة بعد أن هددني بالضرب .. خرجت من الغرفة لكن هذا المشهد لم يفارق مخيلتي أبداً.
مرت الأيام .. دخلت على أبي مرة أخرى، وهو على حال شبيهة بالحال التي رأيته فيها في المرة الأولى.
ومن جديد .. ثارت في نفسي شهوة التقليد .. حتى طغت على ما تقدم من التهديد.
لم أفقد الأمل .. كررت طلبي من والدي أن يشركني معه .. ووسط إلحاح مستمر وإصرار شديد قدم إلي شيئاً من المسحوق .. لكنه اشترط علي - لأنه بالطبع والدي المشفق الحريص على مصلحتي - أن لا أقوم بتعاطيه ........ .
وليته توقف عند هذه الكلمة فتهون المصيبة .. لكنه - ويا للأسف - اشترط علي ألا أقوم بتعاطيه أمامه بل في الغرفة الأخرى!!!
ذهبت إلى الغرفة الأخرى .. استنشقت المسحوق .. أصبت بصدمة كبيرة حتى ضاقت عليّ نفسي، ودخلت من حينها عالم الوهم والإدمان.
ولم أزل في دوامة الإدمان حتى فشا أمري إلى أحد أفراد الأسرة الغيورين .. حضر إلي، وقام جزاه الله عني خيراً بنصحي وإرشادي .. ثم عرض علي العلاج بمستشفى الأمل واتصل بالمسئولين فهبوا لإنقاذي من الهاوية التي وقعت فيها.
هاأنذا أتنفس الصعداء بعد أيام عصيبة عشت فيها صراعاً مريراً كان المجرم فيه نفسي الأمارة بالسوء، وكانت الضحية فيه أنا. ولقد كادت الأولى (نفسي) أن تقضي على الأخرى (أنا) لولا لطف الله تعالى.
إنني أداري نفسي .. فلعلها تسلو بيومي عن أمسي .. لكن بقي من الأمس ما لا يمكن أن أنساه أبداً .. وهو: أن أكون أنا الضحية، والجاني هو أبي؟!!!.
إنه جرح غائر في القلب .. فأنى لجرح القلب أن يلتئم.
وظلم ذوي القربى أشدّ مضاضةً على النفس من وقع الحسام المهنّد
المصدر: صيد الفوائد
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[19 - 06 - 2010, 02:23 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... أما بعد:
مدمن في حاوية النفايات
أحد الناجين من جحيم الإدمان .. له قصة عمر طويلة .. مليئة بالمآسي والعبر.
يحدثنا عن نفسه فيقول:
قبل عشرين عاماً بدأت معاناتي على مقاعد الدراسة.
والدي رجل صارم جداً .. ولأنه يشعر بتدني مستواي الدراسي فقد كان يهددني بالعقوبة الشديدة في حال فشلي في الدراسة.
وهل لكم أن تتصوروا هذه العقوبة؟
إنها بكل بساطة .. التعليق في السقف!!!.
مضت الأيام .. وحدث ما كنت أخشاه .. أخفقت في بعض المواد الدراسية.
لم أكن أحمل هم الإخفاق، بقدر ما كنت أحمل هم العقوبة التي تنتظرني في البيت.
خرجت من المدرسة .. وقد أظلمت الدنيا في عيني .. وضاقت الحياة أمام وجهي .. ركبت مع أحد زملائي على سيارته .. سألني:
- ما الذي يحزنك؟
- لقد رسبت في الدراسة.
- وماذا في ذلك .. أنت أول واحد يرسب؟
- لا .. لكنك لا تدري ما الذي ينتظرني في البيت .. لقد هددني أبي بأن يعلقني في السقف إن أخفقت.
- لا تهتم (وهو يخرج من جيبه شيئاً) .. خذ.
- ما هذا؟
- لاتخف .. هذه الحبة ستنسيك همومك.
تناولت الحبة .. والتهمتها في الحال .. فانقلب رأسي على عقبي .. شعرت بأني أدور في دوامة غريبة.
قلت - وأنا في حيرة من أمري -: (ما القصة؟).
قال – وهو يضحك -: هذا شيء طبيعي لأنها أول مرة .. لكن مع التعود ستشعر بالراحة والسعادة.
وبمرور الأيام .. تعلقت حبة قلبي بالحبة المخدرة.
وما هي إلا أيام معدودة، وانقطعت آمالي .. واضمحلت أحلامي .. وخسرت نفسي .. ونسيت أهلي.
خرجت من المدرسة إلى ظلمات التيه أبحث عن السعادة الموهومة .. في الحبوب .. ثم الهيروين.
¥