هنا يتأكد أن الكتابة الإبداعية بحاجة رئيسية إلى أرقى أنواع الكتابة هي الكتابة التعبيرية الذهنية وهذه الكتابة إبداع تفاعلي بين عقل الكاتب وموضوع معين لذلك فقليل من يتقنها ويطبقها فهذا يحتاج وعيا وإدراكا فالفرق بين الكاتب المبدع والكاتب غير المبدع هو أن الأول (الكاتب بقلب) أكثر تأهيلا واستشعارا وتفهما لنفسه ويكتب لإيصال رسالة سامية وصوت شريحة للملأ، من خلال ذلك أدرك طاقاته وقدراته على التفكير الإبداعي والكتابة الإبداعية وممارستها فتجد أفكاره أصيلة ولديه مرونة في الخطاب والأسلوب والتعبير ليوصل الأفكار للقارئ بأساليب مختلفة مشوقة وجذابة.
أما الكاتب غير المبدع والكاتب بقلم يكتب لشهرة وهو الذي يكتب لكنه لا يملك أصالة وجودة في الأفكار كما قد لا يجيد إيصالها للقارئ أو عدم فهمها ووضوحها له، وهو بهذا لم يكتشف طاقاته وقدراته الكامنة في الكتابة الإبداعية فهو غافل عن ذلك النوع من الكتابة.
إن الكتابة من الذات هي منطلق من الحس الإنساني الاجتماعي للكاتب ومعايشته وتحسسه للقضية وحبه لتبليغ ذلك هو الذي يجعله يخلص في كتابته من اجل إبراز القضية في أجمل صورة تعبيرية رسالية مبتغيا رضا الله تبارك وتعالى.
إذا الإبداع مهم في الكتابة ولكن الأهم الاستفادة منه والاستمرار على تطبيقه على ارض الواقع ليوصل صوته ويفيد به القارئ بل المجتمع، فالكاتب بإبداعه يتحكم ويتفنن ويبدع في صياغة أسلوبه وتعبيره في الموضوع، ولديه إبداع في تصيد الأفكار الأصيلة، وتجده يسجلها لحظة ورودها تلقائيا ويكون أسلوبه في الكتابة جذابا وأكثر مرونة في الانتقال من المقدمة إلى صلب الموضوع ومن ثم إلى جودة الخاتمة كل ذلك فن ومهارة إبداعية.
لذلك فهي فرصة بل وسيلة من أرقى الوسائل للتنفيس والترويح عما يكنه الكاتب في خاطره وما يختزنه من عطاء فكر وثقافة، وتكون أجمل عند استغلالها وممارستها لتخليد طاقاته وقدراته الإبداعية نحو الكتابة والتعبير عن الرأي، ويكون عملا أكثر روعة وأداء في نقل صوته وثقافته وتبليغ رسالته إلى الملأ، وهنا يتسنى لنا القول أن الكاتب حتى يكون مبدعا بكتاباته ومقالاته عليه أن يتخذ عدة أمور رئيسية في عين الاعتبار:
1 - اختيار الهدف: يحدد هدفه لماذا يكتب؟! وما الفائدة؟! ويتحد باختيار وارتباط عنوان مناسب أيضا لحجم الموضوع.
2 - تسجيل الأفكار والمقترحات التي تخطر على باله لحظة ورودها، عند ذلك ما عليه سوى أن يرتب وينظم أفكاره للكتابة ويصيغها بأسلوبه، كي لا تضيع وتذهب المقترحات والأفكار.
3 - تنوع المعارف والأفكار: أن يكون لديه سعة اطلاع معرفي وثقافي للموضوع من كل الجوانب بمعنى تناول الموضوع من عدة حقول معرفية واسعة.
4 - جودة الأسلوب والتعبير: هذا العنصر مهم جدا فلابد أن يكون أسلوبه في التعبير مرنا بل المطلوب جودة الأسلوب فمثلا الكتابة في مجال التوعية بذوي الحاجات الخاصة لا نحتاج إلى كتابة عابرة أو كتابة تُقرا دون أن تطبق بل نحتاج حتى نستفيد مما نكتبه ونرسل الرسالة التي من اجلها تمت الكتابة أن تكون الكتابة من الداخل وكما يقال في اللغة العربية (ما كان من القلب دخل القلب وما كان من اللسان لن يتعدى الآذان) وحتى نستفيد من الكتابة ونوظفها كوسيلة توعية وتثقيفية راقية للمجتمع والأسر نحو أبنائهم وبناتهم ذوي الحاجات التربوية الخاصة علينا بتحريك القلم للكتابة في هذا المجال وإلا فما فائدة القلم إذا لم يفتح فكرا أو يضمد جرحا أو يمسح دمعة أو يطهر قلبا أو يبني صرحا أو يضيء زاوية أو يكون له حس إنساني واجتماعي هذا ما يسعد الإنسان في أصعب لحظاته وسره بإيصال رسالته وفكره.
5 - لغة الكتابة: أن تكون لغته في الكتابة مواكبة وملائمة للغة وثقافة المجتمع الذي يقرأ ذلك الموضوع، إن الكاتب يخاطب الناس القراء بلغتهم، لذلك فمفرداته في الموضوع لابد أن تكون مواكبة للغة وثقافة القارئ، حتى تصل إليه تلك الأفكار الأصيلة التي يكون مطالبا بخطوات ايجابية فاعلة تجاهها ويصبح ذلك المقال من خلال لغته وأسلوبه التعبيري المرن وصياغة الأفكار والمقترحات جاذبا محببا له ويستفيد منه ويشتاق لقراءته دائما، فتقاس الكتابة الإبداعية بجودة وأصالة الأفكار ومعناها للقارئ والمرونة في الأسلوب والتعبير.
كل ذلك سببه الكاتب المبدع الذي عرف كيف يكتشف ويستفيد من الطاقة والقدرة الإبداعية المختزنة لديه في الكتابة ويمارسها ويستمر عليها من خلال أفكاره وسعة اطلاعه ومعارفه وثقافته العالية وطريقته التعبيرية في الأسلوب لطرحها للآخرين ويستفيدوا منها فتكون عناوين مقالاته وكتاباته، وتعد مواضيعه شعارات ورموزا يستدل بها ويستفاد منها وتكون مشوقة وجذابة ومحل اهتمام القراء الأعزاء هذا بشكل ميسر وعسى أن نكون قد وفقنا في هذا الإيضاح المتواضع, والله الموفق. نذير بن خالد الزاير – جامعة الملك سعود
¥