(فإن الكتب المصنّفة في التفسير مشحونة بالغث والسمين والباطل الواضح والحق المبين) يعني فيها هذا وهذا ,بحسب توجه المؤلف ,بحسب طريقة المؤلف ,بل كما سيثبت شيخ الإسلام رحمه الله في هذه المقدمة أن توجّهات و معتقدات المؤلف له أثر حينما يكتب تفسيره ,و سيبين لنا شيخ الإسلام أمثلة لذلك.
هناك جُمل ستمر علينا في هذه المقدمة من المهم استظهارها لطالب العلم ,وسأشير إليها في أماكنها ,منها ما سيذكره الأن قال:
(والعلم (هذه قاعدة مهمّة وفائدة نفيسة) إمّا نقل مُصدّق عن معصوم (يعني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنبياء الله) وإمّا قول عليه دليل معلوم, وما سوى ذلك فإمّامزيّف مربوط وإما موقوف لا يُعلم أنه بهرج ولا منقوت) هذه كلمة نفيسة في بيان العلم النافع , العلم النافع وبيان ما هو العلم الذي يطلبه طالب العلم.
نقول دائما ًطالب العلم ,ماذا تطلب يا طالب العلم؟!! يقول شيخ الإسلام:
(العلم إمّا نقل مُصدّق عن معصوم وإمّا قول عليه دليل معلوم) أمّا سوى ذلك فلا ينبغي أن يشغل به طالب العلم ,لا ينبغي أن يلتفت طالب العلم لما سوى ذلك ,وشيخ الإسلام يشير إلى علم الكتاب والسُنّة.
ثم قال: {وحاجة الأمة ماسّة إلى فهم القرءان الذي هو حبل الله المتين والذكر الحكيم و الصراط المستقيم الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسن ,ولا يخلط على كثرة الرد ,ولا تنقضي عجائبه ... ) إلى آخره.
ثم استشهد شيخ الإسلام رحمه الله بجملة من الآيات.
إذن فاتحة الكتاب كما قلنا اشتملت على أمرين بارزين:
أشرنا إلى أن شيخ الإسلام قسّم كتابه إلى فاتحة وخمسة فصول وخاتمة،الفاتحة اشتملت على أمرين بارزين .. الأمر الأول:
السبب الباعث على كتابة المقدمة وهي ثلاثة أشياء:
1ـسؤال بعض إخوانه له أن يكتب لهم قواعد كليّة في تفسير كلام الله.
2ـأن الكتب المصنّفة في التفسير مشحونة بالغث والسمين.
3ـالحاجة الماسّة إلى فهم تدبر كتاب الله تبارك وتعالى.
فقول شيخ الإسلام (العلم إما نقل مصدّق عن معصوم وإما قول عليه دليل معلوم) كما قلنا بيان للعلم النافع ,إذ إنّ كتب التفسير فيها أشياء كثيرة أدخلت في علم التفسير ليست منه كما فعل الفلاسفة ,وفيه رد على الصوفية كذلك الذين يجعلون التفسير بالمكاشفة أو الباطنية الذين يجعلون القرءان ظاهر وباطن ,ظاهر تعرفه العامّة وباطن تعرفه الخاصّة ,أو الرافضة الذين يؤلون الآيات على ما يريدون.
الأمر الثاني الذي اتسمت به هذه المقدمة: أنها مختصرة.
ولذلك قال:
(قد كتبت هذه المقدمة مختصرة بحسب تيسير الله تعالى من إملاء الفؤاد والله الهادي إلى سواء الرشاد) الأمر الثاني أنه أملاها من فؤاده, وهذه سمة أغلب كتب ابن تيمية رحمه الله
وقول شيخ الإسلام"من إملاء الفؤاد"كأنه يعتذر لنفسه عمّا وقع فيه من بعض الأوهام التي سنُنبّه عليها إن شاء الله في هذه المقدمة ,فإن الإنسان يسبق إلى ذهنه الشيء أليس كذلك؟ وينسى, ولذلك وقع شيخ الإسلام في إحالة بعض الأشياء سنُنبّه عليها أثناء الشرح.
هذا ما يتعلّق بالمقدمة أو الفاتحة.
هذا هو الفصل الأول من هذه المقدمة وقد اشتمل على الأمور التالية:ـــ
الأول: البيان النبوي للقرءان.
الثاني ً: إهتمام الصحابة بتعلم معاني القرءان.
الثالث: قلّة النزاع بين الصحابة.
الرابع: تلقّي بعض التابعين جميع التفسير عن الصحابة كمجاهد.
الخامس ً: أن التابعين قد يتكلّمون بالتفسير بالاستنباط والاستدلال.
فقول شيخ الإسلام (يجب أن يُعلم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بيّن لأصحابه معاني القرءان كما بيّنلهم ألفاظه) هذه إحدى القواعد الكليّة التي ذكرها شيخ الإسلام واستشهد لها بستة أدلّة ,استشهد لهذه القضية بستة أدلّة:
الدليل الأول:
لتُبيّن للناس ما نُزِّل إليهم , ووجه الاستدلال قال: (فإنه يتناول هذا وهذأي يتناول المعاني كما يتناول الألفاظ).
الدليل الثاني:
قول أبي عبد الرحمن السُلمي: حدثنا الّذين كانوا يقرأون القرءان , وقول أنس وفعل ابن عمر.
الدليل الثالث:
قول الله عز وجل ({كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (2) وآيات التدبر ,ثم قال شيخ الإسلام وجه الاستدلال: (وتدبر الكلام بدون فهم معانيه لا يمكن (
الدليل الرابع:
¥