والحالة الثانية أن يأتي في شرعنا ما يصدّقه .. فهذا نصدقه لأنه أتى ما يصدّقه بدليل آخر ,وهذا والذي قبله هو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (حدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) الذي لا نعلم صد قه وكذبه أو التي أتى شرعنا بتصديقه.
أما الحالة الثالثة وهو ما نعلم كذبه , فلا يجوز ذكره إلّا على سبيل التكذيب ..
وسيذكر شيخ الإسلام رحمه الله هذه الحالات بآخر المقدمة , وسنُشير إليها إن شاء الله ..
ثم قال (وكذلك ما نُقل عن بعض التابعين والذي يذكر أنه أخذ عن أهل الكتاب ,فمتى اختلف التابعون لم يكن بعض أقوالهم حجة على بعض) وسيأتي إن شاء الله حكم تفسير التابعين في الفصل الخامس عند الحديث عن طرق التفسير.
ثم قال شيخ الإسلام:
(والمقصود أن الاختلاف الذي لا يُعلم صحيحه ولا يفيد حكاية الأقوال فيه هو كالمعرفة لما يروى من الحديث الذي لا دليل على صحته وأمثال ذلك ( ..
قال:
(وأما القسم الأول الذي يمكن معرفة الصحيح منه هذا موجود فيما يحتاج إليه ولله الحمد, فكثيراً ما يوجد في التفسير والحديث والمغازي أمور منقولة عن نبينا صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء , والنقل الصحيح يؤكد ذلك ,بل هذا موجود فيما مستنده النقل وفيما يُعرف بأمور أخرى غير النقل).
(فما لمقصود أن المنقولات التي يُحتاج إليها في الدين قد نصب الله الأدلّة على بيان ما فيها من صحيح وغيره) هذه مهمّة .. هذه العبارة مهمّة.
شيخ الإسلام لماذا قال هذا الكلام؟
يقول: أنه لا يعني وجود الإسرائيليات وفيها من الأباطيل والغرائب ما يؤثر على التفسير ,لأنه لا طريق لنا للجزم أن هذا الشيء صحيح .. غالب ما يروى عن أهل الكتاب عن كعب الأحبار وابن وهب وغيرهم , فلا نجزم بصدقه أو كذبه ,لكن الذي يُحتاج إليه في التفسير ويتوقف فهم الآية عليه يقول شيخ الإسلام: قد نصب الله الأدلة على بيان ما فيه.
ثم قال): ومعلوم أن المنقول في التفسير أكثره كالمنقول في المغازي والملاحم ..
ولهذا قال الإمام أحمد: ثلاثة أمور ليس لها إسناد:
التفسير والملاحم والمغازي ,ويروى ليس لها أصل.)
والواقع أن عبارة الإمام أحمد رحمه الله تحتاج إلى تفسير ,والإمام أحمد يقصد ـ والله أعلم ـ في التفسير هنا في أسباب النزول أو المرويات في أسباب النزول ,أغلبها ليس لها سند متصل نستطيع الحكم فيه.
ولذلك قال شيخ الإسلام في منهاج السنة: وأمّا أحاديث النزول فغالبها مرسل ليس بمسند ولذلك قال الإمام أحمد: ثلاثة علوم لا إسناد لها: التفسير والمغازي والملاحم) ويعني أن أحااديثها مرسلة ولعله يقصد التفسير المرفوع منه وهو أسباب النزول , فكلمة التفسير عند الإمام أحمد يقصد بها ـ والله أعلم ـ ([أسباب النزول) كما فهم ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة.
ثم ذكر شيخ الإسلام أن أعلم الناس بالمغازي أهل المدينة ثم أهل الشام ,ثم أهل العراق ,وأمّا التفسير ــ وهذا الشاهد ــ فأعلم الناس به أهل مكة،لماذا؟
لأنهم أصحاب ابن عباس , ابن عباس ـ رحمه الله ـ حبر الأمة وترجمان القرءان ,كمجاهد وعطاء وعكرمة كل هؤلاء لازموا ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ ومنهم من طلابه.
ولذلك مدارس التفسير ثلاثة. أشتهر عن ثلاثة من الصحابة:
1ـ مدرسة في مكة وعلى رأسها عبد الله ابن عباس رضي الله عنه.
2ـ ومدرسة في المدينة وعلى رأسها أُبي ابن كعب رضي الله عنه.
3ـ ومدرسة الكوفة وعلى رأسها عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه.
وهذا قد ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ
ثم بدأ شيخ الإسلام بما أنه يتكلم على أن المراسيل غالب أحاديث التفسير التي هي أسباب النزول وغيرها من قبيل المراسيل تكلم في المراسيل واستطرد استطراد طويل.
والمرسل عند المحدثين هو ما سقط منه الصحابي كما قال في البيقونية) ومرسل منه الصحابي سقط (بمعنى أن التابعي يرفعه مباشرة فيُسقط الصحابي , المرسل من حيث الأصل من أقسام الحديث الضعيف.
لكن شيخ الإسلام جعل قاعدة يقول:
(والمراسيل إذا تعددت طرقها وخلت عن المواطئة قصدا ًأو الاتفاق بغير قصد كانت صحيحة قطعا ,فإن النقل إمّا أن يكون صدقا ًمطابقاً للخبر وإمّا أن يكون كذبا ًتعمّد صاحبه الكذب أو أخطأ فيه ,فمتى سلم من الكذب العمد والخطأ كان صدقا ًبلا ريب (
¥