هذا الفصل يا إخواني أشير إلى مسائله لأنه طويل استطرد فيه شيخ الإسلام كما سنبيّن ,أشير إلى مسائله جملة ثم نذكر ما يخص ما يتعلق بالتفسير, لأن هذا الفصل بما إنه مستنده النقل فقد أكثر شيخ الإسلام من الحديث عن مناهج المحدثين وعن طرائف التحديث وغيرها.
وتكلم شيخ الإسلام في هذا الفصل عن أقسام ما يرجع إلى النقل: الإسرائيليات ,الحديث عن أسانيد التفسير وأن غالبها من قبيل المراسيل ,وحكم هذه المراسيل عند تعدد طرقها ,الرابع:الموضوعات في كتب التفسير مع الإشارة إلى بعض الكتب التي فيها ضعف من هذه الجهة.
ثم قسّم شيخ الإسلام ما يرجع إلى النقل إلى قسمين:
القسم الأول: ما يكون عن معصوم ,وهم الرسل.
القسم الثاني: ما يكون عن من سواهم.
وهذان الأمران على قسمين: قسم يمكن معرفة الصحيح منه والضعيف.
وقسم لا يمكن معرفة الصحيح والضعيف منه.
لكن بيّن شيخ الإسلام رحمه الله أن القسم الثاني له سمات يجعل النفس ترتاح لأنه لا يمكن معرفة الصحيح منها ,أنه يقول شيخ الإسلام مما لا فائدة فيه،لا دليل على صحته، لا تقوم الديانة به .. يأتي في الغالب في الأخبار كلون أصحاب الكهف وغيره .. أن كثيراً منه من قبيل الإسرائيليات وفيه غرائب.
هذا تقريبا ًيا إخواني هو الهيكل أو المجسّم لهذا الفصل.
قال شيخ الإسلام رحمه الله:
(فمثال ما لا يفيد ولا دليل على الصحيح منه: ــ اختلافهم في لون كلب أصحاب الكهف (قصة الكهف معروفة في القرءان ,والحِكم والدروس الذي نستفيد منه معروفة ,لكن هل يتوقف فهم القرءان أو فهم هذه القصة والاستفادة منها في معرفة لون كلب أصحاب الكهف الذي كان معهم؟ لا يمكن.
ولذلك قال: وهذا القسم الثاني من المنقول وهو ما لا طريق لنا من معرفة صدقه, عامّته مما لا فائدة فيه ,والكلام فيه من فضول الكلام.
يقول: وأما ما يحتاج المسلمون إلى معرفته ,فإن الله نصب على الحق فيه دليلا ً.
مثال آخر ذكر شيخ الإسلام:
(البعض الذي ضرب به موسى أو ضُرب به صاحب موسى القتيل في قصة موسى ((اضربوه ببعضها) .. ما هو البعض؟؟ اليد , الرجل , هل له فائدة؟؟ ,طيب لو ما نعرف هذا البعض ,بعضهم يذكرونه في كتب التفسير في الإسرائيليات والتحديث والخلاف فيه .. إذا ما عرفنا هذا البعض هل يؤثر على معرفة فهم الآية؟؟ لا يؤثر ..
مقدار سفينة نوح .. كبيرة ,صغيرة ,نوع الخشب الذي فيها .. اسم الغلام الذي قتله الخضر .. هل له فائدة؟؟ ليس له فائدة.
يقول لك شيخ الإسلام:
(فهذه الأمور طريق العلم فيها النقل) لا يمكن أن تجزم بها إلّا عن طريق النقل (فما كان من هذا منقولا ًنقلا ًصحيحا ًعن النبي صلى الله عليه وسلم كاسم صاحب موسى أنه الخضر فهذا معلوم.
وما لم يكن كذلك،بل كان مما يؤخذ عن أهل الكتاب كالمنقول عن كعب ووهب ومحمد إسحاق وغيره مما يؤخذ عنهم فهذا مما لا يجوز تصديقه وتكذيبه إلا بحجة (
وأنا أذكر لكم قاعدة في مبهمات القرءان ,وغالبا ًما تأتي المبهمات في القصص.
قاعدة: نقول أن المبهمات تنقسم إلى قسمين أساسيين:
*مبهم بُيّن في القرءان أو في السنّة ـ يعني بُيّن في طريق آخرـ فهنا نعيين هذا المبهم في القرءان وننقل ونرى أن هذا تفسيرا ً, كما ذكر شيخ الإسلام اسم صاحب الخضر إنه هذا وارد عن السنة.
*مبهم لم يُبيّن لا في القرءان ولا في السنة من طريق صحيح،فهذا الأصل فيه أن يبقى في القرءان على إبهامه ولا يتوقف فهم الآية عليه،لا يمكن أن يتوقف فهم الآية على مبهم لم يبيّن لا في القرءان ولا في السنة.
وأكثر من عيّن المبهمات أيها الإخوة هي روايات أهل الكتاب ,خاصّة في قصص القرءان , وشيخ الإسلام يقول:
إن روايات أهل الكتاب أو ما تُسمّى بالإسرائيليات لا يجوز تصديقه ولا تكذيبه كما ثبت في الصحيح عن سلمان قال: (إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تُصدّقوهم ولا تُكذّبوهم ,فإما أن يحدثوكم بحق فتكذّبوه وإما أن يحدثوكم بباطل فتصدّقوه) وهذا الحديث رواه أحمد وله شاهد عند البخاري بلفظ (لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم).
وهذه أحد أحوال المروي عن بني إسرائيل وهو ما لم نعلم عنه صدقه أو كذبه فلا نصدقه ولا نكذّبه ,نبقيه .. لا نقول أن هذا صدق ولا نقول أن هذا كذب.
¥