الصنف الأول): تارة يسلبون لفظ القرآن ما دلّ عليه وأريد به أي يستدلون بآيات على مذهبهم ولا دلالة فيها) كقولهم أن قول الله عزّ وجلّ (ليس كمثله شيء) يستدلون بهذه الآية: أي لا نثبت صفة لله عزّ وجلّ تكون للمخلوق أبدًا ,لأن الله يقول ليس كمثله شيء فهؤلاء يسلبون لفظ القرآن ما دلّ عليه وأريد به.
القرآن لم يرد هذا ,واتفاق المسمّيات لا يعني اتفاق الأسماء، ليس أننا نثبت لله سمع وبصر وحياة أنها كحياة البشر وسمع البشر تعالى الله, حتى في المشاهدة يعني واحد لو يقول أليس يطلق على النملة أن لها أرجل؟ طيب والفيل هذا فيما بين المخلوقات أنفسهم ,يعني هل رجل النملة مثل رجل المخلوق؟ هذه اسمها رجل وهذه اسمها رجل, هل قالوا هم بالمشابهة؟ قالوا:لا, رجل الفيل تختلف عن رجل النملة. وقس على ذلك.
فإذا كانت هذه الفروق بين المخلوقات أنفسهم , فإنها ستكون وإن اتفقت في المسمّيات بين المخلوق والخالق من باب أولى, قد قرب هذا شيخ الإسلام في رسالته التدويرية ..
(و تارة يحملونه على ما لم يدل عليه ولم يرد به أي يتأولونه ويحرفونه) مثل أن يحرفوا اليد بالقدرة ورد بعض الآيات إثبات يد لله عزّ وجلّ (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم بل يداه مبسوطتان)) يقولون أن اليد هنا قدرة لأنه ما يمكن نتثبت لله يد ,كيف نثبت لله يد والمخلوق له يد ما يمكن!! السبب كما قلنا قبل قليل اعتقدوا معاني ثم أرادوا حمل ألفاظ القرآن عليها.
يقول شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ (وفي كلا الأمرين قد يكون ما قصدوا نفيه أو إثباته من المعنى باطلاً فيكون خطؤهم في الدليل والمدلول، وقد يكون حقًا فيكون خطؤهم فيه في الدليل لا في المدلول) يعني هم أرادوا تنزيه الله أم لا؟ نيتهم، قصدهم صحيح ,لكن خطؤهم في الاستدلال أليس كذلك؟؟ خطؤهم في تنزيه الله عزّ وجلّ هو بإثبات ما أثبت الله عز وجل لنفسه ليس بنفيها أن ننزه الله عزّ وجلّ أن نثبت ما أثبته الله تبارك وتعالى له ..
يقول شيخ الإسلام: {وهذا كما أنه وقع في تفسير القرآن، فإنه وقع أيضًا في تفسير الحديث .. فالذين أخطأوا في الدليل والمدلول مثل طوائف من أهل البدع،اعتقدوا مذهبًا يخالف الحق الذي عليه الوسط الذين لا يجتمعون على ضلال وهم أهل السنة والجماعة كسلف الأمة وأئمتهم، وعمدوا إلى القرآن فتأولوه على آراءهم تارة يستدلون بآيات على مذهبهم ولا دلالة فيها، وتارة يتأولون ما يخالفون مذهبهم بما يحرفون به الكلم عن مواضعه (
قال:
) ومن هؤلاء) ـالذين أخطأوا ـ (الخوارج حيث يأخذون بنصوص الوعيد ومظاهره الكفر ويكفرون المسلمين بالكبائر) ({وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا} النساء93 خلاص يقولون ما دخل النار إلا لأنه كافر) والروافض والجهمية والمعتزلة والقدرية والمرجئة وغيرها (
ولذلك لا يوجد فرقة من الفرق إلا وفسّرت القرآن لماذا؟ هذا الكلام مهم لما تقرأوه، سيذكر شيخ الإسلام الآن بعد قليل، سيأتينا أن هناك كتب على مذهب الأشاعرة، وكتب على مذهب المعتزلة، وكتب على مذهب الجهمية، وعلى مذهب الصوفية وغيرها ما في فرقة إلا فسّرت القرآن، لماذا؟ اعتقدوا معاني ثم أرادوا حمل ألفاظ القرآن عليها.
شيخ الإسلام رحمه الله في هذه المقدمة يقول لك: يا طالب العلم، انتبه!!
ليس كل ما يوجد في التفسير يصح، فإن هناك أناس اعتقدوا معاني وأرادوا حمل ألفاظ القرآن عليها, ومن هذه الفرق الخوارج والروافض والجهمية والمعتزلة وغيرها.
والمعتزلة مثلاً يقول شيخ الإسلام:
(وَهَذَا كَالْمُعْتَزِلَةِ مَثَلًا فَإِنَّهُمْ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ كَلَامًا وَجِدَالًا) أصحاب علم وأصحاب عقل المعتزلة. (وَقَدْ صَنَّفُوا تَفَاسِيرَ عَلَى أُصُولِ مَذْهَبِهِمْ; مِثْلِ تَفْسِيرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كيسان الْأَصَمِّ) وهذا مفقود (شَيْخِ إبْرَاهِيمَ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ الَّذِي كَانَ يُنَاظِرُ الشَّافِعِيَّ. وَمِثْلِ كِتَابِ أَبِي عَلِيٍّ الجبائي.) كذلك مفقود (وَالتَّفْسِيرِ الْكَبِيرِ لِلْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَد الهمداني) مفقود كذلكوالجامع لعلم القرآن لعلي بن عيسى وتوجد له بعض النسخ الخطية بعض أجزائه ثم قال (وَالْكَشَّافِ لِأَبِي الْقَاسِمِ الزمخشري؛ فَهَؤُلَاءِ وَأَمْثَالُهُمْ
¥