يقول شيخ الإسلام هنا ــ هذا الشاهد ــ: (ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائزـ وضرب لذلك مثالاًـ يقول الله عزّ وجلّ في أصحاب الكهف (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ)) يعني يقولون عدة أصحاب الكهف كم؟ القول الأول كم؟ ثلاثة والرابع هو الكلب،القول الثاني خمسة والسادس الكلب، ثم قال الله عز وجل (رَجْماً بِالْغَيْبِ) (31) يعني أبطل كلا القولين, معنى هذا أن كلامهم ليس صحيح.
ثم قال {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم) (32) فسكت ولم يبطل القول, معناه إن أصحاب الكهف كم؟؟ سبعة والثامن الكلب بطريق هذا الاستدلال.
شيخ الإسلام يقول لما سكت عن القول الثالث، أبطل القول الأول والثاني وسكت عن القول الثالث علمنا أن عدة أصحاب الكهف هم سبعة والثامن هو الكلب , ثم قال) قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم) (33) يعني لا تشغل حالك، حتى لو علمت لا تشغل حالك لأن ما يعنيك كم عددهم، يعنيك ماذا؟ العبرة بقصتهم) َلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِراً} (34) الكهف22يعني مر عليها مرورًا سريعًا , يعني لا تكون هي محل النزاع وتعادي وتوالي فيها كما يفعل كثير من الأخوة هداهم الله في بعض مسائل الخلاف يعادي ويوالي على هذه المسألة (وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَداً) (35) ثم يقول شيخ الإسلام:
(فقد اشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذا فإنه تعالى أخبر عنهم بثلاثة أقوال ضعف القولين الأولين وسكت عن الثالث فدل على صحته , إذ لو كان باطلاً لرده كما ردهما ثم أرشد إلى الإطلاع على عدتهم ..... )
ثم قال: (فهذا أحسن ما يحكى في حكاية الخلاف أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام وأن ينبه على الصحيح منها ويبطل الباطل وتذكر فائدة الخلاف وثمرته (ما فائدة الخلاف؟ نسخ القرآن بالسنة ما فائدة الخلاف إذا كان لا يوجد له مثال هل له فائدة؟ ليس له فائدة ولذلك تكثر هذه المسائل الفرضية عند من؟ عند الأصوليين.
(وينبه على الصحيح منها ويبطل الباطل وتذكر فائدة الخلاف وثمرته لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته فيُشتغل به عن الأهمولذلك قال الشاطبي ـ رحمه الله ـ في الموافقات: (كل حكاية – هذه قاعدة – وقعت في القرآن فلا يخلو أن يقع قبلها أو بعدها ردٌّ لها أو لا يقع فإن وقع رد فلا إشكال في بطلان ذلك المحكي وكذبه، وإن لم يقع معها رد فذلك دليل صحة المحكي وصدقه) هذه قاعدة، إذا ذُكر شيء ولم يُرد في القرآن معناه إنه صحيح.
ثم استطرد شيخ الإسلام:
(فأما من حكى خلافًا في مسألة ولم يستوعب أقوال الناس فيما هو ناقص فيها إذ قد يكون الصواب في الذي تركه)
يقول لك شيخ الإسلام إذا ذكرت مسألة فاذكر كل الأقوال فيها، لأنه ربما تترك قول هو الصحيح وتأتي بما ليس بصحيح (أو يحكي الخلاف ويطلقه) بعض الناس مشغوفوفيهخلاف، وفيه خلاف أنت وضعتنا في ماذا؟ إذا كان خلاف مما يسوغ واختلاف تنوع لا بأس، لكن أن تأتي بالقولين المختلفين ثم لا تذكر لي القول الصحيح منهما فليس هذا من إرشاد القرآن، فإن القرآن لما أورد الأقوال أبطل الباطل و وصحح الصحيح.
ثم يقول) كذلك من نصب الخلاف فيما لا فائدة تحته أو حكى أقوالا متعددة لفظًا ويرجع حاصلها إلى قول أو قولين معنىً فقد ضيع الزمان وتكثّر بما ليس بصحيح فهو كلابس ثوبي زور (وهذا كثير ما يقع في حكاية الخلاف للذين لا يعرفون حقيقة الخلاف، خلاف التفسير الذي هو خلاف التنوع والمسألة فيها أقوال، لابد تنبه ({ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} (36) يقول هذه فيها عشرة أقوال، فتقول يا أخي والله التفسير صعب!! عشرة أقوال في كلمة واحدة طيب , القرآن الكريم كم فيه من كلمات؟! لكن تقول فيها عشرة أقوال كلها صحيحة وترجع إلى قول واحد صحيح جيّد أن تذكر الأقوال. يقول شيخ الإسلام رحمه الله (إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة فقد رجع كثير من الأئمة إلى أقوال التابعين كمجاهد ابن جبر (الطريق الرابع من الطرق الحسنة في التفسير: هو تفسير القرآن بأقوال التابعين.
¥