تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرية التفكير والاجتهاد عند الأئمة

إن الأئمة منهم من لذكرهم نوع اختصاص: النعمان, ومالك, والشافعي, وأحمد, والأوزاعي, وداود الظاهري, مع وجود العشرات غيرهم قبلهم وبعدهم -رحمهم الله- كانوا يبذلون أقصى جهودهم للوصول إلى الحق في المسائل الاجتهادية, ومع هذا لم يكونوا يقطعون بأن اجتهادهم هو الحق الذي لا مرية فيه, وإنما هو رأي وقد يقابله رأي آخر, ولا يجوز أن يكون في الناس خلافه قطعاً, بل كانوا يحتاطون احتياطاً لازماً عند إبداء آرائهم في المسائل, ويخافون في كل ذلك مخالفة النصوص الصريحة من الكتاب والسنة, ولأجل هذا نصوا على الرجوع إلى السنة عند ظهور مخالفتهم إياها, وأوصوا تلاميذهم وأصحابهم بترك أقوالهم المخالفة لها, وهي مستفيضة في مكانها (1).


(1) قال الإمام أبو حنيفة النعمان -رحمه الله-: "إذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين .. " الإحياء للغزالي (1/ 79) ومختصر المؤمل رقم (147) , ومعنى قول الإمام المطلبي محمد بن إدريس الشافعي -رحمه الله- (105 - ضمن الرسائل المنيرية المجلد الثالث) , وانظر "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" للشيخ محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله- طبع المكتب الإسلامي.
وقال النعمان أيضاً: "إذا صح الحديث فهو مذهبي" (رد المحتار إلى الدر المختار لابن عابدين 1/ 67 - 68 وقال: "فإذا نظر أهل المذهب في الدليل وعملوا به صح نسبته إلى المذهب, لكونه صادراً بإذن صاحب المذهب, إذ لا شك أنه لو علم ضعف دليله رجع عنه واتبع الدليل الأقوى".
أقول: غير أن هذا لم يسير عليه أتباعه غالباً؟ غفر الله لهم.
وقال الإمام مالك: "إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي فكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه" (أصول الأحكام لابن حزم 6/ 790، وجامع بيان العلم 2/ 32، ومختصر المؤمل رقم 143، ومعنى قول الإمام 3/ 105، (ضمن الرسائل المنيرية)، والإيقاظ للفلاني ص72.

وقال الإمام الشافعي: "لقد ضل من ترك سنة رسول الله لقول من بعده" أنظر (الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي 1/ 149).
وقال الإمام أحمد: "لا تكتبوا عني شيئاً، ولا تقلدوني ولا تقلدوا فلاناً وفلاناً -وفي رواية مالكاً والشافعي, والأوزاعي ولا الثوري- وخذوا من حيث أخذوا", انظر "مسائل الإمام أحمد" لابن هانئ, تحقيق زهير الشاويش, وانظر أيضاً مسائل ابنه عبد الله طبع المكتب الإسلامي, تحقيق زهير الشاويش (ص 437 - 438) , حيث يقول الإمام أحمد في جوابه عن سؤال حول وضع الكتب؟ قال: "أكرهها, هذا أبو حنيفة وضع كتاباً, فجاء أبو يوسف ووضع كتاباً, وجاء محمد بن الحسن فوضع كتاباً, فهذا لا انقضاء له, كلما جاء رجل وضع كتاباً ... ويترك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم" , وانظر أيضاً (مختصر المؤمل رقم 144، إعلام الموقعين 2/ 201، الإنصاف للدهلوي ص105، والإيقاظ ص113).

<<  <  ج: ص:  >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير