تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

المترجم هو الابقاء على ذات الترابط العضوي (أو التعالق الاستعاري كما يسميه محمد خطابي) بين الشخصيات وحديثها والبيئة التي تجد نفسها فيها وتعكسها في حديثها. فقد ترجمت الاستعارة الآنفة الذكر الى اللغة الانجليزية بالصيغة التالية: They have you cornered you already, Fiela Komoetie, she told herself. التي قد يكون مقابلها الحرفي في اللغة العربية التالي: "قالت لنفسها: لقد طوقوك يا فايلا كوموتي" وكما ذكرنا سابقا فإن صورة «القفص» و "الحيوان" جزء من تشكيل شخصية فايلا، ولهذا فإن المترجم بترجمته صورة الحيوان الموضوع في القفص الى صورة «طوقوك» قد أضاع بنموذج حياة الريف التي حاول الراوية خلقها في النص الأصلي متجاهلا بذلك دور تلك الاستعارات في بناء شخصية فايلا كفلاحة بسيطة. وبكلمة أخرى فعل الرغم من أن صورة «التطويق» تعكس دلالة قريبة من الدلالات التي تعكسها صورة الحيوان الموضوع في القفص (دلالة فقدان الحيلة على فعل شيء) إلا أن الايحاءات المتعلقة بانتهاك انسانيتها ويعدم احترام كبريائها كإنسانة قد تم تجاملها من قبل المترجم. وهذا التجاهل كان من الممكن حله لو أن المترجم أبقى على نفس صورة «القفص» و «الحيوان المطارد». ونفس المشكلة تظهر في ترجمة الاستعارة التالية: Hulle was haar aan die vaskeer والتي تقابل حرفيا في العربية: مثل حيوان اخرس سيق الى القفص فقد ترجمت في اللغة الانجليزية الى: They were driving her into a corner والتي تقابل في العربية: كانوا يحاصرونها فقد تجاهلت هذه الترجمة صورة الحيوان المطارد الى القفص، وهذا التجاهل ذو أهمية لأن هذه الصورة ترتبط عضويا في السياق الكوني النصاني، لأنها تساعد في بناء شخصية فايلا كامرأة أفقدت انسانيتها وتحولت الى حيوان. ومما تأسف له كروجر أن معظم الاستعارات قد تم تغيير صورتها في الترجمة أو أنها قد حولت الى المعنى دون الاحتفاظ بالصورة الأصلية ذات الأهمية في بناء الشخصية الروائية. فالاستعارات التي تنطق بها فايلا في الترجمة الانجليزية لا تعكس أي شيء عن بيئة النص وأهمية تلك البيئة في بناء الشخصية الروائية، وهذا الفشل يوجد أيضا في الاستعارات التي تأتي على لسان الشخصيات الأخرى في الرواية. وتخلص دراسة كروجر الى حقيقة مفادها أن الترجمة "الخاطئة" للاستعارة قد يكون لها عواقب دلالية وتواصلية تتجاوز الاستعارة المفردة لتمس بعض أركان العمل الأدبي كبناء الشخصية في الرواية وهذا ما يؤثر على تقبل القاريء للعمل الروائي المترجم ونجاح هذه الترجمة. والنتيجة التي توصلت اليها كروجر مهمة جدا ويجب على منظري الترجمة تطويرها من حيث دراسة روايات أخرى من لغات أخرى كاللغة العربية التي تنقصها مثل هذه الدراسات إضافة الى دراسة أنواع أدبية أخرى غير الرواية كالشعر والمسرح حيث قد تظهر عوامل أخرى تنبع من خصوصية بنية النص الشعري أو المسرحي لها تأثير مهم في تعامل المترجم مع الاستعارة، اضافة الى الجانب النظري فإن هذه النتيجة ذات أهمية بالنسبة للمترجمين أنفسهم بحيث لا يعفون بالتعامل مع الظاهرة اللغوية كالاستعارة في ذاتها وانما بربطها بالمستويات الأخرى من التعبير اللغوي كالنص وبنيته الكبرى. وهنا نشير الى عبرة أخرى نستفيدها من دراسة كروجر وتتعلق بالعلاقة بين المترجم والمؤلف فهناك اعتقاد سائد أن افضل مترجم للنص (الأدبي خصوصا) هو مؤلفه ذاته ان تمكن من لغة الترجمة، وهو ما أظهرت هذه الدراسة عدم صحته من خلال دراسة الكيفية التي ترجمت بها الاستعارة وتجامل (أو جهل) المؤلف. المترجم للارتباط العضوي في النص. 3 - فيفين لوكس: عودة الى الاستعارة المفردة والدراسة الثالثة التي سنستعرضها هنا هي لنيفين لوكس E. Vivienne Lux عنوان "الاستعارة وترجمتها" والقاها في مؤتمر FIT الدولي للترجمة الذي انعقد في مدينة برايتون البريطانية في الفترة من 6 - 13 من أغسطس من عام 1993 تحت شعار "الترجمة: الحلقة الحيوية" Translation- the Vital Link وتنقسم دراسة لوكس الى خمسة أقسام. يناقش القسم الاول من الدراسة تعريف مصطلح Metaphor يقابله مفهوم «الاستعارة» في اللغة العربية. ويرى أن هذه الكلمة مستمدة من الكلمة الاغريقية metaphora المكونة من شقين: Meta الذي يعني "فوق" و pherein الذي يعني "يحمل" وبذا فإن الدلالة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير