لذا ليكن حوارنا , حوار علمي لا عصبية فيه أو تحيز أو ومكابرة أو ميول نفسية , لأن الحق أقوى من الباطل دائماً , وعلينا في حوارنا هذا أخذ أراء الأغلبية من العلماء المختصين , وترك الشاذ من المعلومات , لنبني عروضنا الجديد على مفاهيم أعمق وأفضل, لا لصالح المتحاورين , بل للصالح العام ولصالح الأجيال القادمة ,.
أقولها بصراحة إن علم العروض مستهدف , لا من الرقميين لا سمح الله , بل من هم أعلى مناصباً وأقوى قدرة على تحويل الحقائق إلى زيف وضلال أمثال المستشرقين ومن والاهم , ولكي يصل هؤلاء إلى مناصبهم , وإلى أهدافهم , بدأوا في تفسير الظواهر على غير ما وضعت لها , فاختلفت المعايير , واختلفت الأقوال في تعريف الشيء الواحد , وبدأوا بنظريات فلسفية ونفسية ليقلبوا الموازين الصحيحة إلى ضلال وفساد شعر إيقاعي ,
لأنهم يعرفون , بأن العروض توأم للموسيقى , فإن هدموا الجانب الموسيقي فإنهم قادرون على هدم العروض كله , وأقولها بصرحة , من لم يعط العروض حقه الإيقاعي والموسيقي , فكأنما فقد نصف علم العروض.
فبدأوا بتعريف الإيقاع تعريفاً مضللاً , فلم يفسروا الإيقاع تفسيراً علمياً موسيقياً, لأنه أي الإيقاع يحقيق الانتظام الزمني واللفظي برتابة متزامنه لتحقيق ما يسمى بالأيقاع الشعري الموسيقي , اعتماداً على الوحدات الإيقاعية التي تمثلها التفاعيل. وعندما بدأت المفاهيم تتداخل , بدأ معها التفريق في تحديد معنى كلمة الشعر الإيقاعي , إلى أن أصبح الشعر بنظرهم كل ما يقال من خواطر وسجع ومقالات , وكل هذه تتمتع بالإيقاع حسب ظنهم , من غير رابط يربطها , سوى أنها تحمل الإيقاع الداخلي فقط.
هذا شأن كل من أراد أن ينال مكسباً للإطاحة بالعروض التراثي التفعيلي الخليلي , ليقال أنهم مجددون مثل (كمال أبو ديب) وغيره.
فانظروا كيف أننا نسرع إلى تبني نظرياتهم حتى ولو خالفت الأديان السماوية , فيكيف إذا وظفوا من هم أهل لقلب العروض وغيره إلى طريق مسدود لكي لا يظل لنا أهمية في الماضي والحاضر والمستقبل.
إخواني لقد أطلت عليكم الشرح , والآن حديثنا عن الخبب ومشكلاته , وقلت سابقاً ولا أزال أكرر القول, بأن الخبب خببان وهما:
خبب أول: (فاعلُ) وهي فاصلة صغيرة تجدها في الوافر , تتشكل من سبب خفيف وثقيل. ثم الخبب الثاني فعِلن بتسكين العين أو كسرها , وتجدها في الكامل , وتتشكل أيضاً من سبب ثقيل وخفيف , وهما متساويتان في المقدار الزمني واللفظي , ومتعاكستان في الاتجاه الإيقاعي:
الخبب الأول: وتبدأ نبراته على أسبابه الخفيفة الأولى , ويجوز فيه حالة واحدة وهي:
انتظام المقاطع بالترتيب الإيقاعي المطلوب , ويبنى هذا البحر على تتابع التفعيلة (فاعلُ أو التفعيلة المضمرة فعْلن , وبهذا فأنا أخالف قول العروضيين على أنها من أصل فاعلن لأن الوتد لا يمكن زحافة , والخبب لا يحتمل وجود الوتد , لأن الوتد يتبع الوزن الثلاثي للتفاعيل الخماسية , والخبب ليس من هذا النوع من التفاعيل , لذا لا بد من الفصل بين الخبب والمتدارك في العملية الإنشادية , وبخاصة عندما يخلو حشو المتدارك نهائياً من القطع للتفاعيل , أي لا يجوز في المتداك وجود (2 2) أو فعْلن , وإلا عدنا إلى محور النقاش السابق وهو (جواز القطع والتشعيث في الحشو) وهذا لا يمكن ,وأن مفتاح المحدث ((حركات المحدث تنتقل)) ليست للمتدارك بل هو للخبب , لأنها فاصلة , بسبب ثقيل كما جاءت في الوافر , وأتفق معهم , على أنها شاذة في اجتماعها مع قرينتها فعِلن في قصيدة واحدة) , لأنها تفعيلة جاءت من تدوير فعِلن في الكامل , (سبب خفيف وثقيل). وتناولها الشعراء لبناء بحر مستحدث وهو بحر (الخبب).
إن فاعلُُ هذه: (~ ب ب) (2 11) لم يصبها الزحاف على آخرها , بل هي معكوس دائرة الفاصلة الصغرى الموجودة في الوافر والكامل , أي أن حركات أخرها ما هي إلا (سبب ثقيل) أي أنها ليست من أصل فاعلن كما يعتقد النقاد , وإذا اعتبرناها من أصل فاعلن فلا بد أن يصيب الخبب خلل إيقاعي أكبر , لأنه لا يجتمع فاعلن مع فاعلُ أو فعِلن في النظام العروضي , وإن رأيتم مثل هذا التداخل الإيقاعي , فهو شاذ ولنا فيه هذا القول:
1 ــ أقول أولاً:
¥