تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يكون الشاعر قد اعتمد الإيقاع الموسيقي فقط , دون الاعتماد على قواعد العروض , وبهذا يتم التداخل بين (فاعلُ وفعِلن) حتى وإن اجتمعت المتحركات التي يرفضها الخليل لعروضه. لأن الإيقاع بصفة عامة, يعتمد على التزامن المنتظم بين الوحدات الإيقاعية , والموسيقا وحدها, لها القدرة على ذلك , حيث أن الموسيقا تستطيع تنظيم الإيقاع والنبرات بتحايلها على الكلمات (مداً , أو سكتة , أو دمجاً للحروف أو اشباعاً) , حتى ولو خالفت قواعد اللغة واللفظ , لأن تَعَلّمَ الشعر قد بدأ بالغناء والذي به ما قد ذكرته قبل قليل من مخالفات مقطعية , وقد قيل أن ابن المهدي قد تساهل في أداء الغناء بما يناسب ذوقه , فهو يقول ((أنا ملك ابن ملك , أغني كما أشتهي وعلى ما ألتذ)) الأصفهاني ج1 صفحة 73) وهذا ما لا يتعامل معه الخليل في عروضه , لأن العروض يسعى إلى الانتظام الإيقاعي ومواقع النقرات الموسيقية المنتظمة (نبر) الكلمات بشرط الاحتفاظ على سلامة اللغة بقدر الإمكان , حيث لا بد من التجاوز اللغوي عند الضرورة الشعرية , كصرف ما لا ينصرف وغير ذلك مما لا يؤثر كثيراً على معنى أو مبنى الكلمة اللغوية.

وهذا القول يختلف عن قولنا الذي أقول فيه:

بأنه يمكن أن يتصافح الخبب مع المتدارك في تفعيلة واحدة لكل القصيدة مثل (فعِلن) المخبونة فقط , والتي ننشدها في قصيدة الخبب على وزن الفاصلة بسببها الثقيل للوزن الثنائي. ثم ننشدها في قصيدة المتدارك بوزنها المخبون والذي يمنع قطعها , أي أن هناك اختلاف إنشادي واضح بين (فعلن مخبونة) وبين (الفاصلة بسببها الثقيل) , والفرق بينهما هو المقياس الوزني الموسيقي , فالخبب ووزنه ثنائي , والمتدارك وزنه ثلاثي. ومثل هذه التفعيلة التي تشترك لوزنين نادرة في الطرح الشعري العربي ,

مثالها:

أبكيت على طلل طربا ..... فشجاك وأحزنك الطلل

ويظل بحر الخبب يتميز بالإيقاع ثنائي الوزن , وهو يختلف كلياً عن المتدارك ثلاثي الوزن الموسيقي الذي لا يجوز قطع تفاعيله في الحشو.

2 ــ وأقول ثانياً:

إن عصرنا هذا , نساير فيه الغرب والعجم , ويثق بعضنا بأقوالهم مهما كانت , لثقتهم بأن الحضارة أصبحت في أيديهم , ولقد أصبحنا مثل العجم , نمطط الألفاظ فتقبض وتبسط حتى تدخل في وزن اللحن فتضع موزوناً على غير موزون (ابن رشيق ج2 صفحة 214 , بينما كنا ــ نحن العرب ــ على غير ذلك, كنا كما قال الجاحظ ((العرب تقطع الألحان الموزونة على الأشعار الموزونة)) وهذا هو الأصح , وهذا ما يريده الخليل لعروضه.

ومن أمثلتنا على ما تقدم شرحه , هذا البيت الشعري , الذي تقدم به الأستاذ خشان::

نتخذ الشمس لها تاجا ....... وضحاها عرشا وهاجا

ــ ب ب ــ ــ ب ب ــ ــ ــ ...... ب ب ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ

2 11 2 2 11 2 2 2

لا نريد التحدث عن الشطر الثاني (العجز) لأنه خببي صرف ولا يمكن له أن يكون رجزاً.

بل نريد الحديث حول التفعيلة التي أربكت الإيقاع الشعري لهذا البيت وهي (الفاصلة (فاعلًُ) إن اعتبرنا البيت كله خبباً , ولنا هنا عدة أقوال في تفسير هذه الظاهرة.

1 التفسير الأول:

هو اعتماد المنشد على مداخلة موسيقية لا تعترف بالعروض , بل تتحايل على الكلمات لتجعل من اللاموزن موزوناً , وهذا ما قاله ابن رشيق: (الأعاجم تمطط الألفاظ فتقبض وتبسط حتى تدخل في وزن اللحن فتضع موزوناً على غير موزون) وهذا الأمر من الشواذ , ولا يدخل الشاذ كمقياس لنظام الخليل , ثم لا يمكنني أن أتهم أمير الشعراء أحمد شوقي على انه من الأعاجم , بل قد يريد الشاعر مجاملة العصر الحديث في الاعتماد على اللحن الموسيقي, ليضع اللاموزن على الموزن , لأن الموسيقى تستطيع تعديل ما أفسدته المقاطع اللفظية , ولكن سيظل البيت الشعري بنظر أهل العروض شاذاً عن العلم العروضي , ومقبولاً في الفن والغناء الموسيقي , بعد أن تعالجه الموسيقى بتحايلها على المقاطع كما أسلفنا ذكره , ولقد استعملت نيازك هذه المخالفات العروضية الشاذه في بعض أشعارها وليس كلها.

ولو نظرنا إلى جل ما قاله أحمد شوقي في الخبب , لرأينا التزامه في النظام العروضي , ولم تفلت منه أي تفعيلة من تكرار (فعلن) كقوله:

اليوم نَسود بوادينا ...... ونُعيد محاسنَ ماضينا

ويشيدُ العزّ بأَيدينا ......... وطنٌ نَفديه ويَفدينا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير