تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

او من خلال السياق العام فالمستوى الاول اذا كان المقصود من الخطاب فيه امرأة حقيقية اما الدلالة الاخرى الموحية وهي المعنى الرمزي الذي نلمحه حينما تصبح تلك المعشوقة هي الارض هذه المحبوبة مثل كل الحبيبات تخلد حالة شعورية خاصة عندما يلمسها حبيبها وهذا امر مألوف بين المحبين اما المستوى الثاني وهو دلالة الرمز فتبدو عندما تتحول تلك المحبوبة المخاطبة الى صورة الارض اذ هي الدافع الى عمل الكثير ان رؤيا الشاعر في خلق مثل هذا المستوى الدلالي الرمزي هي التي اوحت لنا فضلا عن الرؤيا الخاصة للقارىء بأنه يرمز الى تلك المرأة بالارض اذ من خلال ملامسته لشعرها ترى الروح قد توثبت عنده، فهنا يقدم لنا الشاعر مستويين من التعبير المباشر وغير المباشر اذ نراه يزاوج في شعره بينهما فتظهر فكرة الرمز تارة وتختفي تارة اخرى فينموا المعنى المباشر نموا داخليا طبيعيا لان المستوى الحرفي او الظاهر لا يسخر بطريقة مصطنعة واضحة للتعبير عن معنى آخر المعنى الثاني ينمو نموا باطنيا من المعنى الاول ونستطيع ان نلخص الموقف ان عملية تكوين المعنى او الرمز ليست هي عملية الانابة يجب ان نشعر ان المستوى الاول هام وضروري وانه احسن طريقة للتعبير من المستوى الثاني والعقل يعكس على هذا المستوى الاول اذا هو اراد ان يتمثل كل ما سواه ولذلك يجب ان يتعانق الاثنان) (41).

ها هنا نلمس ان عملية التجاوب النفسي ما بين صفات الارض والمرأة هي التي جعلت الشاعر يعمد الى تلك الخصوصيات الاقترانية المتداخلة مع بعضها من صفات الموصوف فقرائن (علامات) المرأة متداخلة مع قرائن (علامات) الارض لتطبع في النفس حالة خاصة وميزة معينة ليس من السهل ان نجدها في مسميات اخرى لذلك كان من السهل على موضوع الارض ان يدخل من خلال المرأة وموضوع المرأة من خلال الارض وتزداد صلة الطبيعة الارض بالتغلغل داخل الانسان وبالتأصل اذ قرنها الشاعر بالمرأة، وكذلك المرأة اذا اقترنت بالارض من خلال وصفها فالعلاقة ما بين الانسان والطبيعة علاقة حميمة والمرأة جزء من الطبيعة وهي اجمل رمز واكثر تماسكا من غيره

اجدد يوما مضى

لاحبك يوما وامضي

وما كان حبا

لأن ذراعي اقصر من جبل لا اراه

واكمل هذا العناق البدائي، اصعد هذا الا له الصغير وما كان يوما

لأن فراش الحقول البعيدة ساعة حائط (51)

هنا نراه يعود ويقرن صورة المرأة باحدى مقتنيات الطبيعة (الارض) ليخلق هناك حاجزا ليحول دون تحقيق ما يصبو اليه وهو مواصلة العناق لان الجبال تعوق ذلك والجبل ما هو الا رمز من رموز الارض فالارض او المرأة تتشكل علاقاتهما مع الشاعر وتكون علاقة حميمة لكن هذه العلاقة استلابية اذا الموانع الكثيرة (القهر، البعد، الطغيان) التي رمز لها الشاعر بالجبل تسيطر على تحركات الانسان وتمنعه من ان يواصل او يحصل على ما يريد، فالجبل، الطريق، الرحيل الحروب كل هذه مسميات في الطبيعة نجد بعضها كثير التداول في المعجم الشعري للشاعر فبعض المسميات تترك اثرا في نفس الشاعر سلبا كان هذا الاثر اما ايجابا.

الآن بحر

الآن بحر كله بحر

ومن لا بر له

لا بحر له

والبحر صورتنا

فلا تذهب تماماً

هي هجرة اخرى

فلا تذهب تماما (61)

فلفظة البحر تتردد كثيرا في بعض قصائد درويش اكثر من اية لفظة اخرى خاصة قصائده التي قالها بعد غزو بيروت عام (2891) وهنا من حقنا ان نتساءل ما رمز البحر عند درويش هنا؟ هل هو رمز للعدو، للهجرة، للطغيان، هو رمز للثورة للعطاء اذ من خلال هذا الرمز يكون سعيه الى كشف وفضح الحقيقة الجماعية للشعب فالبحر بمدلوله الرمزي عظيم سواء اكانت هذه العظمة سلبية ام ايجابية فالرحيل الذي لا قاه الفلسطينيون عبر البحر كما يبدو لنا كان له الصدى الكبير في نفسية الشاعر وعطائه الفني (فعملية الرمز هنا نابعة مما يرمز اليه او هو بالاحرى لا قيمة له مطلقا الا بما ما يبرهن على الفكرة ويؤكدها ... ان الرمز الفني تركيب لفظي اساسه الايحاء بما يستعصي على التحديد والتقرير وان اهمية الرمز في صورته الادبية بقدر ما هي في الرمز) (71).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير