تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لها أزيزها الحالم، وصوتها المهموس، ونغمها الرقيق، نتيجة لالتقاء حرفي السين متجاورين بما لا نحققه كلمة أخرى تؤدي نفس المعنى، ولكنها لا تؤدي هذه الدلالة الصوتية التي وفرتها هذه الكلمة برقة وبساطة.

وكما دلت الالفاظ دلالة صوتية معينة في الاستعمال المثلي في القرآن فكذلك لمسنا لبعض الحروف دلالة صوتية معينة يتعاقبها في سلك بعض الألفاظ حتى عادت ذات وقع خاص على السمع، وطبيعة مواتية في الحس من خلال ترادفها وتناظرها واحتشادها، وسنختار منها «الفاء» العاطفة، نظراً لاختيار المثل لها دون سواها في دلالته الصوتية كما يلي:

أولاً: الفاء في كل من «اختلط» و «أصبح» في قوله تعالى:

(فاختلط به نبات الأرض فاصبح هشيما ... ) (1)

فيها ترتيب وتعقيب يصك السمع في دلالة وقع الأمر دون حائل وبلا فاصل تعبيراً عن الخسران النهائي، والحرمان المتواصل دفعة واحدة، وهنا تلتقي الدلالة الصوتية بالدلالة الاجتماعية بما يستفاد من معنى لغوي.

ثانياً: ويتمثل هذا التوالي عطفاً بالفاء دالاً على سرعة الإيقاع، وعدم الإمهال، بما يوحيه للسمع وللذهن كلاً غير منفصل بقوله تعالى:

(فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت ... ) (2)

فلا حائل ولا زمن بين الإصابة والاحتراق، إذ تختفي الحدود الزمنية فما هي إلا لحظات حتى تعود الجنة رميماً بمفاجأة الإصابة وشدة الاحتراق ونفاذ الأمر.

ثالثاً: وما يقال آنفاً يجري تطبيقه على كل من قوله تعالى:

(فاصابه وابل فتركه صلدا ... ) (3)

وقوله تعالى:


(1) الكهف: 45.
(2) البقرة: 266.
(3) البقرة: 264.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير