تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عاشراً: واستعمال كلمة «امرأة» بدل «زوج» بالنسبة لامرأة نوح ولوط، وهما زوجتان لهما، وبالنسبة لامرأة فرعون، وهي زوجته دون ريب في كل من (امرأت نوح وامرأت لوط ... ) (1) وقوله (امرأت فرعون) (2) هذا الاستعمال الدقيق ذو دلالة اجتماعية رائعة، توضحها الدكتورة عائشة عبد الرحمن بقولها:

ونتدبر استعمال القرآن للكلمتين، فيهدينا إلى سر الدلالة، كلمة زوج تأتي حيث تكون الزوجية هي مناط الموقف: حكمة وآية، أو تشريعاً وحكماً (ومن ءاياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) (3) فإذا تعطلت آيتها من السكن والمودة والرحمة، بخيانة أو تباين في العقيدة فامرأة لا زوج (4).

وهذا بين بامرأتي نوح ولوط، ففي الخيانة الدينية التي أحدثاها انفصلت عرى الزوجية، وعاد كل زوج منهما امرأة فحسب، وفي امرأة فرعون تعطلت آية الزوجية بكفره وإيمانها، فعادا حقيقتين مختلفتين، لا تربطهما رابطة من سكن، ولا صلة من مودة، فعادت زوجته امرأة.

وزيادة على ما سبق بيانه، فإن الدلالة الاجتماعية تكشف بعمق ما يحيط بمؤدى اللفظ من إبهام وغموض ليعود جلياً مشرقاً، ففي قوله تعالى:

(يأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له ... ) (5) تبدو كلمة «مثل» موهمة بأن لا مثل في العبارات التالية للمادة، حتى قال الأخفش: إن قيل أين المثل؟ فالجواب أنه ليس ها هنا مثل، وإنما المعنى: يا أيها الناس ضرب لي مثل: أي شبهت بي الأوثان فاستمعوا لهذا المثل (6).

ولكن الدلالة الاجتماعية تؤكد وجود المثل بمدلوله اللغوي أو بنقله


(1) الستحريم: 10.
(2) التحريم: 11.
(3) الروم: 21.
(4) بنت الشاطي، الإعجاز البياني للقرآن ومسائل ابن الأزرق: 312 ـ 213.
(5) الحج: 73.
(6) ابن الجوزي، زاد المسير: 5|451.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير