تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[عاشق اللغة العربية]ــــــــ[02 - 11 - 2006, 03:39 ص]ـ

ومن ما يثير العجب كذالك أن كتاب الدكتور طه حسين (الشعر الجاهلي) لم يكن من بنات أفكار طه حسين!!!

ويعود الفضل في انكشاف أمر هذه السرقة التاريخية إلى تلميذه، الأستاذ محمود محمد شاكر.

وهنا يحدثكم الأستاذ محمود محمد شاكر بلسانه.

(قال لي وهو يبتسم أي المرحوم أحمد تيمور باشا – اقرأ هذه!!!. فإذا فيها مقالة للأعجمي المستشرق مرجليوث، تستغرق في نحو اثنتين وثلاثين صفحة من هذه المجلة [المجلة الأسيوية الناطقة باللغة الإنجليزية في عدد يوليو 1925 م]

بعنوان نشأة الشعر العربي وكنت خبيراً بهذا الأعجمي التكوين، التكوين البدني والعقلي منذ قرأت كتابه عن محمد رسول صلى الله عليه وسلم، أخذت المجلة وانصرفت وقرأت المقالة وزاد الأعجمي سقوطاً على سقوطه، كان كل ما أراد أن يقوله: أنه يشك في صحة الشعر الجاهلي، لا بل أن هذا الشعر الجاهلي الذي نعرفه هو في الحقيقة شعر إسلامي وضعه الرواة المسلمون في الإسلام ونسبوه إلى أهل الجاهلية وسخفاً في خلال ذالك كثيراُ. ولأني عرفت حقيقة الأستشراق لم ألق بالاً إلى هذا الذي قرأت وعندي الذي عندي من هذا الفرق الواضح بين الشعر الجاهلي والشعر الإسلامي) انتهى النص

ثم يضيف الأستاذ محمود محمد شاكر (كان ما كان، ودخلنا الجامعة وبدأ الدكتور طه حسين يلقي محاضراته التي عرفت بكتاب [في الشعر الجاهلي] ومحاضرة بعد محاضرة وفي كل مرة يرتد ألي رجع هذا الكلام الأعجمي الذي غاص في يم النسيان وثارت نفسي وعندي الذي عندي من المعرفة بخبيئة هذا الذي يقوله الدكتور طه حسين، وعندي الذي عندي من هذا الإحساس المتوهج بمذاق الشعر الجاهلي كما وصفته آنفاً والذي استخرجته بالتذوق وبالمقارنة بينه وبين الشعر الأموي والعباسي. وأخذني ما خذني من الغيظ وما هو أكبر من الغيظ، وما هو أكبر وأشنع من الغيظ ولكني بقيت زمناً لا أستطيع أن أتكلم.

والسبب في ذالك [الأدب] الذي كان يؤدب به الآباء الأبناء، فكان التلميذ يهاب أن يكلم أستاذه) انتهى النص

وهنا يصف الأستاذ محمود محمد شاكر اليوم الذي واجه فيه أستاذه الدكتور طه حسين.

(ضللت أتجرع الغيظ بحتاً، وأنا أصغي إلى الدكتور طه حسين في محاضراته ولكني لا أستطيع أن أتكلم ... لا أستطيع أن أناظره كفاحاً وجهاً لوجه وكل ما أقوله فإنما أقوله في غيبته لا في مشهده، تتابعت المحاضرات وكل يوم يزداد وضوحاً هذا السطو العريان على مقالة مرجليوث ويزداد في نفسي وضوح الفرق بين طريقتي في الإحساس بالشعر الجاهلي وبين هذه الطريق التي يسلكها الدكتور طه حسين في تزييف هذا الشعر.

وفي اليوم التالي جاءت اللحظة الفاصلة في حياتي فبعد المحاضرة طلبت من الدكتور طه حسين أن يأذن لي في الحديث فأذن لي مبتهجاً أو هكذا ظننت وبدأت حديثي عن هذا الأسلوب الذي أسماه منهجاً وعن تطبيقه لهذا المنهج في محاضراته وعن هذا الشك الذي أصطنعه ما هو؟ وكيف هو؟ وبدأت أدلل أن الذي يقوله عن المنهج وعن الشك غامض وأنه مخالف لما يقوله ديكارت وأن تطبيقه منهجه هذا قائم على التسليم تسليماً لم يدخله الشك بروايات في الكتب هي بذاتها محفوفة بالشك. وفوجئ طلبة قسم اللغة العربية بما ذكرت ولما كدت أفرغ من كلامي انتهرني الدكتور طه وقام وقمنا لنخرج وانصرف عني كل زملائي الذين استنكروا غضاباً ما واجهت به الدكتور طه ولم يبق معي إلا محمود محمد الخضيري.

وبعد قليل أرسل الدكتور يناديني فدخلت عليه فجعل يعاتبني يقسوا حيناً ويرفق أحياناً وأنا صامت لا أستطيع أن أرد. لم أستطع أن أكاشفه بأن محاضرته التي نسمعها كلها مسلوخة من مقالة مرجليوث لأنها مكاشفة جارحة من صغير إلى كبير ولكني كنت أعلم أنه يعلم من خلال ما أسمع من حديثه، ومن صوته، ومن كلماته، ومن حركاته أيضاً!

وكتمان هذه الحقيقة في نفسي يزيدني عجزاً عن الرد عن الاعتذار إليه أيضاً وهو ما كان يرمي إليه، ولم أول صامتاً مطرقاً حتى وجدت نفسي كأني أبكي من ذل العجز فقمت فجأة وخرجت غير مودع ولا مبالي بشي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير