تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

و يروى عن الاصمعى كلام معناه أن الشعر باب من أبواب ا لباطل، فإذا أُريد به غير وجهه

ضَعُفَ، وقد وجدنا الشعراء توصلوا الي تحسين المنطق بالكذب و هو من القبائح و زينوا

ما نظموه بالغزل و صفة النساء و نعوت الخيل و الإبل و أوصاف الخمر و تسببوا الي الجزالة

بذكر الحرب و احتلبوا أخلاف الفكر و هم أهل مقام و خفض في معنى ما يدَّعون أنهم يعانون

من حث الركائب و قطع المفاوز و مراس الشقاء ».

فإذا كان أبو العلاء رفض الشعر لانه كاذب (أعذب الشعر أكذبه) و هو يكتب الصدق،

ليفضح أمور الدنيا ... التي يظن البعض أنه زهد فيها ....

فنحن نرى أن أبا العلاء صال و جال في روضة الشعر، لكنه تَوَجَ ورود الروضة بأكاليل

من الشوكِ، حتى إذا أردتَ الوردة، فلك أن تنزع إكليل الشوك عنها، و لك أن تجتهد في نزعه

والا تبقيه على حالته و إلا إستحالت عليك الورود، التي أرادها أبو العلاء أن تكون متفتحة دائما.

فأبي العلاء نجح في إعطائنا صورة حية عن الدنيا و عن الإنسان، و إن كان ظالماً بعض الشيء

للدنيا، فلكراهيته لها و حقده عليها، لأنها سلبته بصره و صاغت له منظاراً أَسوداً

يطل به علي كل ما يراه .. حتي أنه لم يستطع أن يتبين النهار، فهو يقول في لزومية أخرى:

غدونا سائرين على وفاز صحاة مثل شراب ثما ل

على الفرسين لا فرسي رهان أو الجملين ليس كالجما ل

و ما غضبي إذا جرت القضايا بتفضيل اليمين علي الشما ل

فلا يعجب بصورته جميل فإن ا لقبح يُطوى كالجما ل

كذاك الدهر إظلام و صبح و ريح من جنوب أو شما ل

بلا مال عن الد نيا رحيلي و صعلوكاً خرجت بغير ما ل

فآه لو أبصر أبو العلاء النهار، أو أدرك أنه قبيح، لكان طوى قُبحه و أراح نفسه و لكان رحل

من الدنيا و هو يمتلكها كلها.

نشر هذا المقال النقدى في جريدة الاتحاد (الإمارات العربية المتحدة) بالعدد رقم 169 الأحد 14 مايو 1989 - الموافق 9 شوال 1409 ه.

ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[24 - 12 - 2006, 11:58 م]ـ

دراسة أكثر من رائعة .. تنوع فيه التحليل من لغوي لبياني إلى مناقشة في بعض الجزئيات.

سلمت يمينك، وبانتظار دراسات أخرى.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير