صعُب علم التفسير على طلاب العلم لأن الناس صعّبوه , وإلا هو في الحقيقة سهل بل لذيذ ,ذلك أن أغلب الّذين يكتبون في التفسير يصب اهتماماته في كتابه , فالنحوي تجده يشتغل بعلوم العربية ,والبلاغي تجده يهتم بمسائل البلاغة ,والفقيه يصب كل علمه في التفسير , والواقع أن التفسير ما يوجد في كتب التفسير شيء فيه تفسير ,وهناك أشياء خارجة عن حد التفسير هي فوائد, هي مُلحقات في التفسير, هي داخلة في معنى الآية ,لكن لا يتوقف عليها فهم الآية.
ولذلك مهم الوصول إلى مسألة مرتبة فهم الآية.
هذه قاعدة من قواعد هذه المقدمة أولاً:الخلاف بين السلف في التفسير قليل .. هذه أولاً, خلافهم في الأحكام في المسائل الفقهية أكثر, وهذا كلام العارف ليس كلام إنسان عادي هوكلام شيخ الإسلام ابن تيميةـ رحمه الله ـ يقول): وغالب ما يصح (وضع تحت ما يصح ما شئت من الخطوط (ما يصح) ليس كل ما يورد في التفسير من مأثور صحيح عن السلف (يرجع إلى اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد)
قوله: (وذلك صنفان) في الواقع إن شيخ الإسلام أورد أربعة أصناف وسنبّينها ـ إن شاء الله ـ لكنه ذكر الصنف الثالث والرابع استطرادًا وقال: أنها ربما تُلحق في الصنف الأول ,وفي الواقع أنها حقيقة أربعة أصناف.
(أحدهما أن يعبر كل واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه تدل على معنى في المسمى غير المعنى الآخر مع اتحاد المسمى بمنزلة الأسماء المتكافئة) يعني طويلة العبارة أليس كذلك؟
واحد يقول: والله طويلة عبارة شيخ الإسلام! يعني هذا النوع الأول من اختلاف التنوع نقول: (أن يعبر كل واحد منهم) يعني كل واحد من السلف في التفسير (عن المراد) يعني عن الشيء المراد بعبارة , هي مجرد اختلاف في العبارات , (تدل على معنى في المسمى غير المعنى الآخر مع اتحاد المسمى) الذي أورده المفسّر الآخر, مع اتحاد في المسمّى.أنا ألخّص لكم هذه العبارة بسطرين بالعبارة التالية ,اكتبوا عندها أن يُعبِّروا عن المعنى الواحد بأكثر من لفظ يعني هذه هي فحوى كلام شيخ الإسلام , أو ملخص كلام شيخ الإسلام .. أو نقول: اتحاد المسمّى واختلاف العبارة الدالّة عليها ,سواءً أخذت العبارة الأولى أو العبارة الثانية فهي تلخيص لهذه العبارة الطويلة لشيخ الإسلام الآن سيثبت لك شيخ الإسلام ـ عليه رحمة الله ـ هذه القضية.
(بمنزلة الأسماء المتكافئة التي بين المترادفة والمتباينة, كما قيل في اسم السيف: الصارم والمهنّد ,و ذلك مثل أسماء الله الحسنى وأسماء رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأسماء القرءان ,فإن أسماء الله كلها تدل على مسمّىً واحد ,فليس دعاءه باسم من أسماءه الحسنى مضادا ًلدعاءه باسم آخر ,بل الأمر كما قال الله تعالى (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنى) (3) وكل اسم من أسماءه يدل على الذات المسمّاه ,وعلى الصفة التي تضمّنها الأسم كالعليم يدل على الذات والعلم ,والقدير يدل على الذات والقدرة ,والرحيم يدل على الذات والرحمة , ومن أنكر دلالة أسماءه على صفاته ممن يدّعي الظاهر فقوله من جنس قول غلاة الباطنية القرامطة, اللذين يقولون "لا يقال هو حي ولا ليس بحي" بل ينفون عنه النقيضين .. فإن أولئك القرامطة الباطنية لا ينكرون اسما ًهو علم محض كالمضمرات ,وإنما ينكرون ما في أسماءه الحسنى من صفات الإثبات ,فمن وافقهم على مقصودهم كان مع دعواه الغلو في الظاهر موافقا ًلغلاة الباطنية في ذلك وليس هذا موضع بسط ذلك).
ومن أراد البسط فعليه برسالة التدمورية لشيخ الإسلام رحمه الله فقد بسط في هذه المسألة وأطال فيها.
إذن .. الفصل الأول كما قلنا اختلاف التنوع, وقد أشار إلى هذا إسحاق وسفيان ابن عيينة والحسن ,واعتبره الشاطبي من قسم الخلاف الذي لايُعتد به , فهو في الحقيقة ليس خلافا ًوإنما هو خلاف لفظي لكن في الواقع إنه ليس خلاف.
هناك شيخ الإسلام قسّم اختلاف التنوع إلى أربعة أنواع ,هناك تقسيم آخر للشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله في رسالته الماتعة الجميلة التي ألّفها لطلاب المعهد العلمي "أصول في التفسير" وهي جميلة وتستحق الشرح.
قسّم اختلاف التنوع والتضاد إلى ثلاثة أقسام:
*اختلاف في اللفظ دون المعنى وهو الذي أشار إليه الأن شيخ الإسلام بأقسامه.
¥