هُنا يتكلم المؤلفعنصيغ أسباب النزول ,فقوله نزلت هذه الآية في كذا .. صيغة محتملة من أن تكون تفسيرللمعنى فتكون "في" للظرفية والظرف هنا معنوي, وبين أن تكون سبباً للنزول فتكون "في" هنا للسببية , (نزلت هذه الآية في كذا) أي في سبب كذا ..
أما إذا قيل سبب نزولالآية كذا .. فهي صريحة في السببية ,وأما إذا قال حصل كذا وكذا فأنزل الله .. فهيظاهرة وليست صريحة , فتكون الصيغ ثلاث:
1ـ صريحة
2ـ وظاهرة
3ـ ومحتمِلة.
وفائدة معرفة الصيغ هو: الترجيح عند التعارض بين الأسباب كما تقدّم.
(وقد تنازع العلماء في قول الصحابي نزلت هذه الأية في كذا ,وهل يجري مجرى المسند؟ كما يذكر السبب الذي أنزلت لأجله ,أو يجري مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند ,فالبخاري يدخله في المسند وغيره لا يدخله في المسند , وأكثر المسانيد على هذا الاصطلاح كمسند أحمد وغيره, بخلاف ما إذا ذكر سبباً نزلت عقبه ,فإنهم كلهم يُدخلون مثل هذا في المسند , وإذا عُرف هذا فقول أحدهم).
إذا قال الصحابي قال أسباب النزول هل له حكم مرفوع .. هذه مسألة كثيراً ما يشير إليها بعض المحدّثينفيما قول الحاكم, الأصل فيها قول الحاكم فإنه يرى أن تفسير الصحابي في حكم المرفوع ,والصحيح أن كلام الحاكم أُجمل في موضع من كتبه ,وفسّره في موضع آخر وهو أنه يريد أنالذي في حكم المرفوع هي أسباب النزول.
(وإذا عُرف هذا فقول أحدهم نزلت في كذا لا ينافي قول الآخر نزلت في كذا , إذا كان اللفظ يتناولهما كما ذكرناه في التفسير بالمثال)
وهذا كما أشرنا فيبداية التفسير بالمثال أن أحد أنواع التفسير بالمثال هو أسباب النزول , شيخ الإسلامرحمه الله كل هذا السياق كما قلنا مراراً يريد أن يقرّب لك الهُوّة الحاصلة أو كثرةالأقوال المنقولة عن السلف في التفسير, ويقول لك لا يجعل هذه الأقوال مانعة لكمن تعلم التفسير فإن أغلبها من باب اختلاف التنوع لا من باب اختلاف التضاد.
(وإذا ذكر أحدهم لها سبباً نزلت لأجله وذكر الآخر سبباً فقد يمكن صدقهما بأن تكونا نزلت عقب تلك الأسباب ,أو تكون نزلت مرتين مرة لهذا السبب ومرة لهذا السبب ,وهذان الصنفان اللذان ذكرناهما في تنوع التفسير تارة لتنوع الأسماء والصفات ,وتارة لذكر بعض أنواع المسمّى وأقسامه كالتمثيلات هما الغالب في تفسير سلف الأمة الذي يُظن أنه مختلف)
الآن اكتفى شيخ الإسلامأو انتهى من الصنف الأول والصنف الثاني الذي قال): وهما صنفان (يقول اختلاف التنوع صنفان والآن يقول لكشيخ الإسلام وهو العارف بأقوال السلف , وأنا لعلّي أكثرت عليكم من هذه القضية لأنكمستجدون فائدتها عندما تقرأون في كتب التفسير ..
شيخ الإسلام العارفبأقوال السلف يقول:
كالتمثيلات هما الغالبيقول هذان الصنفان الصنف الأول:اختلاف العبارات .. والتفسير بالمثال هو الغالب في تفسير سلف الأمةالذي يُظنُّ أنه مختلف.
بعدما انتهى من الصنفينالسابقين .. ذكر شيخ الإسلام الصنف الثالث والرابع ,وذلك تذكرون عندما قال صنفان قلتبل هما أربع كما ذكر شيخ الإسلام ,لكنه يرى أن بعض أنواع الثالث يدخل أو بعض أنواعالرابع يدخل في الأول ,قال:
(ومن التنازع الموجود عنهم ما يكون اللفظ فيه محتملاً للأمرين: إما لكونه مشتركاً في اللغة كلفظ قسورة الذي يُراد بها الرامي ويُراد به الأسد ,ولفظ عسعس الذي يُراد به إقبال الليل وإدباره.
وإما لكونه متواطئ في الأصل لكن المراد به أحد النوعين أو أحد الشخصين كالضمائر في قوله (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى {8} فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى {9} وكلفظ (وَالْفَجْرِ {1} وَلَيَالٍ عَشْرٍ {2} وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ {3} (وما أشبه ذلك،فمثل هذا قد يجوز أن يراد به كل المعاني التي قالها السلف وقد لا يجوز ذلك)
يقول إنالصنفالثالثمن التنازع الموجود عنهم ـ أي عن السلف رحمهم اللهـ ما يكون اللفظ فيه محتملاً للأمرين ,وهذا يكون من أسباب اختلافهم ,إما لكونهمشتركاً في اللغة ونحن في الدرس الماضي بيّنا معنى المشترك والمتواطئ والمتباين والمترادف كلها بيّناها في الدرس الماضي.
هنا الآن ذكرهما شيخ الإسلام من أنواعالاختلاف ,ومن أسباب اختلاف السلف الذي يُظن أنه مختلف.
¥