المشترك هو المتفق لفظاً المختلف معنىً K مثلّنا له بالعين العين الآن يصح أن تسميها العينالجارية تسمّى عيناً ,والعين الباصرة تسمّى عيناً ,والجاسوس يسمّى عيناً ,الذي يحددأحد هذه المعاني هو السياق ,ولذلك يقول لك شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: (من التنازع الموجود عند السلف كونه مشتركاً في اللغة) لفظ قسورة كما قال الله عز وجل) فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ (المدثر 51لو رجعتم إلى كتب التفسير لوجدتم أنبعض السلف قالفرّت منالرامي، وبعضهم قالالأسد وبعضهم قال) فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ (السبب الذي جعل هذا يفسّرها بالأسد وهذا يفسّرها بالرامي هو أن لفظقسورة مشترك ,لفظ مشترك في اللغة ,يصح إطلاقه على الأسد ويصح إطلاقه على القانص أوالرامي الذي يرمي الضباع.
أيهما أصح في هذه الآية لفظ قسورة اللفظللأسد أو الرامي؟
كلاهما صحيح , إذن ليس هناك خلاف فيالحقيقة.
{وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} التكوير17لو رجعتم إلى أي كتاب منكتب التفسير الذي ينقل أقوال السلف لوجدت أن بعضهم قال: والليل إذا أقبل، ففسّر عسعس بأقبل ,ومن العلماء منقال: والليل إذاأدبر، السبب أن لفظ [عسعس] لفظ مشترك يصح ,ولذلك بعضهم نظر إليه باعتبار الإقبال وبعضهمباعتبار الإدبار،أيهما أصح هنا؟
كلاهما صحيحة.
ولذلك حتى هناك سر في تعبير القرءان،القرءان ما قال والليل إذا أقبل ولا قال أدبر لأن المنّة أوالقسم في إقبال الليلوإدباره معاً أجمع في القسم بالليل في إدباره فقط أو إقباله ولذلك أتى بلفظ عسعس , فكلا الأقوال صحيحة ..
من العلماء مثلاً مثل ابن كثير رحمه اللهوغيره يرجّح لأنه يشتغل بتفسير القرءان فيالقرءان يقول أن عسعس هنا دأدبر, وفسرهافي قوله عز وجل"والليل إذ أدبر", وابن القيم رحمه الله يفسّرها بأقبل ويفسّرها في قولهتعالى: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى) الليل1والصحيح أن (أقبل وأدبر) كلاهما معنيان صحيحان.
السبب الثاني الذي نرى فيه اختلافالسلف رحمهم الله (التواطئ) التواطئ هو كما قلنااتفاق اللفظ والمعنى ,كالإنسانية في زيد وعمرو.
(الفجر) لو رجعنا لكتب التفسير لوجدنا أن منالعلماء من قال (الفجر) أول الصبح فسمّاه يعني كل فجر أقسم الله بكل فجر, كل يوم تطلع فيهالشمس فيه فجر ,ومنهم من قال فجر مزدلفة ,ومنهم من قال فجر النحر , السبب في خلافهم .. هل بينهم تعارض؟ لا، ليس بينهم تعارض ,السبب في خلافهم هو التواطئ ,فإن الفجريصدق على هذا كما يصدق على هذا ,فمنهم من عمّم ومنهم من خصّص , مثل "وليالٍ عشر" مثل "الشفع والوتر" ..
يقول شيخ الإسلام ـوهذه مهمّة جدّاًفمثل هذاقد يجد جواب لكل المعاني التي قالتها السلف فتكون داخلة في ضمن الآية ,وقد لا يجوزذلكلماذا قال شيخالإسلام "قد لا يجوزذلك"؟
لأن عندنا بعض المشترك في اللغة لا يمكن أنتحمل الآية على كل المعاني التي قيلت فيها ,مثل قوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} البقرة228 لو رجعتم إلىكتب التفسير وعليها الخلاف بين الفقهاء لوجدتم أن بعضهم قال) القرء (الحيض ,وقال بعضهم) القرء (الطهر، السبب في الخلافهنا.
لماذا قال السلف بعضهم الطهر وقال بعضهم الحيض؟
الإشتراك و أيهما أصح؟؟
لا يمكن أن نقول هنا كلاهما ,لأن المرأة لايمكن أن تكون حائضاً وطاهرة في وقت واحد.
فلابد أن نحدد إما أن نقول القرء هنافي هذا السياق بمعنى الطهر أو بمعنى الحيض ,وهذه مسألة معروفة عند الفقهاء ,بعضهمأخذ مثل الشنقيطي ـ رحمه الله ـ أخذ بقاعدة الأعداد قال الله عز وجل"ثلاثةَ قروء" فخالف بين المعدود والعدد معناهثلاثة أطهار ,ومن العلماء من استدل بأنها الحيض بحديث (أيام إقراءك) إلى آخر المسألة مذكورة في الكتب ,الذي يعنينا هنا أنه لا يعني أنها مشتركة في اللغة أن نحمل كل الألفاظ أو نقول كلالأقوال ,لابد من تحرير المسألة , لكن في غالبها يجوز حمل الآية عليها.
(فالأول إما لكون الآية نزلت مرتين ,فأريد بها هذا تارة وهذا تارة ,وإما لكون اللفظ المشترك يجوز أن يراد به معنياه .. إذ قد جوّز ذلك أكثر الفقهاء المالكية والشافعية والحنابلة وكثير من أهل الكلام ,وأما لكون اللفظ متواطئاً فيكون عامّاً إذا لم يكن لتخصيصه موجز, فهذا النوع إذا صح فيه القولين كان من الصنف الثاني)
¥