يركثيراً ما تجدون بعض الآيات يفسّرها خاصة التفاسير المختصرة بمثل هذا ,فمثلاً لو رجعتم إلى كتب التفسير المختصرة عندما يقول (عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} الإنسان6يقولون يشرب منها ويمشي لماذا غيّر في اللفظ القرءاني؟
الآن الفعل يشرب هذاالعادة أن يتعدّى بالباء أو ب (من)؟
وهنا في اللفظ القرءاني تعدّى بماذا؟ العين يشرب منها أو يشرب بها؟
طيب لماذا أتى القرءان بكلمة بها؟
أهل الكوفة نُحاة الكوفة يقولون الحروف تتعاقب ويقوم بعضها مقام بعض, "فعيناً يشرب بها عباد الله"عيناً يشرب منها عباد الله , وكل القرءان اعملوه بهذه الطريقة, "لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه"أي مع نعاجه, "من أنصاري إلى الله "أي من أنصاري مع الله ,وقس على ذلك.
أما نُحاة أهل البصرة ومنهم إمام الصناعة سيباويه , وهو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله , ورأي تلميذه ابن القيّم فيقولون:لا، القرءان لما عدّى الفعل بحرف على غير العادة أن يتعدى به لابد أن يكون له معنى.
انظروا معنى في قول الله عز وجل ({عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً} الإنسان6) لو قلنا "منها" مشي التعبير القرءاني , لكن لماذا عبّر القرءان بمنها ولم يعبّر بها؟
لأنه فيه نكتة عجيبةوهو من كمال نعيم أهل الجنّة.
يصح أن أسمّى شربتُ صحيح أم لا؟
لكن هل يصح أن أسمّى رويت؟
لا يصح.
ولذلك من كمال نعيمهم أنهم: يروون أو مجرد شرب؟
يروون.
ولذلك ضُمِّن الفعل يشرب معنى الرِّي ,فلذلك يشرب بهاأي يروى بها عباد الله وهذا من كمال نعيمهم.
وقس على ذلك ,كلما عُدِّى فعل بحرف جر على غير العادة أن يتعدّى به ,فلابد أن يكون هناك فائدة ونُكتة بلاغية.
(ومن قال [لا ريب لا شك] فهذا تقريب ,وإلاّ فالريب فيه اضطراب وحركة ,كما قال (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) ,وفي الحديث أنه مرَّ بضبي حاقف فقال "لا يريبه أحد " ,فكما أن اليقين ضُمِّن السكون والطمأنينة, فالريب ضده ضُمِّن الاضطراب والحركة ,ولفظ الشك وإن قيل إنه يستلزم هذا المعنى .. لكنَّ لفظه لا يدل عليه (.
انظروا إلى أي تفسيرعندما تفتحون في سورة البقرة ({ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ} البقرة2) يقولون لا شك فيه , ويذكرون ذلك عن السلف ,هل الشك هنا يشابه الريب من كل وجه؟
لا، السلف لما قالوا لا ريب فيه قالوا: لا شك فيه أرادوا ماذا؟ يقربون لك المعنى
وإذا أردت أنا أن أقرب ,أنا أستطيع أن أقرب لكم مسألة التضمين بهذه الطريقة لو أتى أحد الإخوة من المتخصصين في النحو ربما يقرب لكم هذه المسألة بطريقة أخرى , وكله تقريب
ولذلك الخلاف بين السلف في التقريب هو: داخل ضمن أنواع إختلاف التنوع
فلا ينبغي أن نجعل هذا خلاف كما يقول شيخ الإسلام مانع لنا من التفسير.
(أن تبسل نفس بما كسبت) تُبسل كلمة غريبةوإلا لا،لكن لو رجعتم إلى السلف فسّروها قال بعضهم "تُحبس" أن تحبس نفس بما كسبت ,وقال بعضهم "تُرتهن".
هذا خلاف لأنه لا يلزم من الحبس الرهنوإلاّ لا؟!
ولكن كل هذا من باب التقريب وهذه المعاني كلها صحيحة .. كيف صحيحة؟؟ هلتُبسل هي معنى تُرتهن من كل وجه؟؟
وإنما أراد المفسّر التقريب (تقريبالمعنى).
(وكذلك إذا قيل (ذلك الكتاب) هذا القرءانفهذا تقريب ,لأن المشار إليه وإن كان واحد فالإشارة بجهة الحضور غير الإشارة بجهةالبعد والغَيبة ,ولفظ "الكتاب"يتضمن من كونه مكتوباً مضموماً ما لا يتضمنه لفظالقرءان من كونه مقروءاً مُظهراً باديا ,فهذه الفروق موجودة في القرءان.
فإذا قال أحدهم أن تُبسل أي تٌحبس ,وقالالآخر تُرتهن ونحو ذلك لم يكن من اختلاف التضاد ,وإن كان المحبوس قد يكون مرتهن وقدلا يكون ,إذ هذا تقريب للمعنى كما تقدّم وجمع عبارات السلف في مثل هذا نافعجدّاً)
انظر ترى شيخ الإسلام دقيق في عبارته يقول:جمع عباراتالسلف في مثل هذا .. يعني أن تجمع ما يقولهالسلف لا لتستصعب التفسير لكن لتقرب المعنى, لأن السلف يفسِّرون بجزء من المعنى ,فكل واحد يذكر جزء من المعنى ,فإذا جمعت هذه المعاني كلها تبيّن لك الصورةالحقيقية التي أرادتها اللفظة القرءانية.
¥