4 - أنَّ كثيرًا من مباحث اللغة والنحو والإملاء متوقفة عليه.
ويرى بعض علماء التصريف؛ ومنهم ابن جني وابن عصفور أنه ينبغي تقديمُ تعلمه على النحو، لا لفضله، وإنما لكونه يبحث في ذوات الكلم وأحوالها من غير نظر إلى التركيب، على عكس النحو الذي لا ينظر في الأحوال إلا بعد التركيب؛ ومعرفة الشيء قبل التركيب مقدمة على معرفة الأحوال التي له بعد التركيب ([9]).
مسائله:
هي قواعده وقضاياه الكلية؛ كقولنا: كل واو أو ياء تحركت وانفتح ماقبلها قلبت ألفا. ومضارعُ "فعُل" بالضم هو يفعُل بالضم.
واضعه
اختلف في واضع علم التصريف، على أقوال، أشهرها:
- أنه أبو الأسود الدؤلي، ظالم بن عمرو الدؤلي الكناني (ت69هـ)، بأمر من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حيث أن النحو الذي وضعه كان مخلوطا بمسائل صرفية.
- أنه أبو مسلم معاذ بن مسلم الهراء ([10]) الكوفي (ت187هـ).
وأول المصنفين فيه، وأشهرهم:
- سيبويه، أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر (148 - 180هـ) في "الكتاب"، وقد مزج فيه بين النحو والتصريف مع عناية خاصة بالأخير.
- المازني، أبو عثمان بكر بن محمد البصري (ت249هـ)، وكتابه "التصريف" يعد أول كتاب مُفرَد للتصريفِ وصلنا.
- المبرّد، أبو العباس محمد بن يزيد الأزدي (210 –286هـ) في كتابيه "الكامل" و"المقتضب"، وقد جمع فيهما مباحث صرفية كثيرة.
- ابن جني، أبو الفتح عثمان بن جني النحوي (ت392هـ) في كتابيه "التصريف الملوكي" و"المنصف" الذي هو شرح لكتاب المازني "التصريف".
- الجرجاني، أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن (ت471) في كتابه "المفتاح في الصرف".
- الميداني، أبو الفضل أحمد بن محمد النيسابوري (ت518هـ) في كتابه "نزهة الطرف في علم الصرف".
- الزمخشري، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الخوارزمي الزمخشري (67 - 538هـ) في كتابه "المفصل"، وقد مزج فيه بين التصريف والنحو.
- ابن الحاجب، أبو عمرو عثمان بن أبي بكر الدوني (ت646هـ) في كتابه "الشافية في التصريف" الذي يعد من أوعب ما صنِّف في هذا الفن.
- ابن عصفور، أبو الحسن علي بن مؤمن الحضرمي الإشبيلي (597هـ-669هـ)، في كتابيه "الممتع" و"المنصف" الذين أفردهما للتصريف. وقد حرر قواعد فن التصريف وضبطها أكثر من سابقِيه.
- ابن مالك، أبو عبد الله جمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك الجياني الأندلسي الدمشقي (600 - 672هـ)، وله في الصرف "نظم لامية الأفعال"، إضافة إلى ما أدرجه من مباحث التصريف في نظمَي"الكافية" و"الخلاصة"، وغيرهما من مؤلفاته النحوية واللغوية.
استمداده
القرآن، والسنة، وكلام العرب الفصيح.
نسبته
إلى غيره من علوم العربية: العموم والخصوص الوجهيان ([11]).
وإلى بقيةِ العلوم: التباينُ والتخالفُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
([1]) وقد اجتمعا في قول ابن مالك رحمه الله:
حرفٌ وشِبهُه من الصرفِ بَرِي= وما سواهما بتصريفٍ حَرِي
([2]) نقلا عن "وشاح الحرة بإبراز اللامية من الطرة" لفضيلة الشيخ محمد محفوظ المسومي الموريتاني، ص5، ط1، الناشر/ محمد محمود ولد محمد الأمين، 1424هـ/2003م.
([3]) نحو قوله تعالى: "صرف الله قلوبهم" [التوبة: 127]، وقوله: "كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء" [يوسف: 24]، وقوله في التصريف: "وتصريف الرياح والسحاب" [البقرة: 164].
([4]) الأصول هي: القضايا الكلية التي يتعرف منها أحكام جزئيات موضوعها. أو هي القوانين الكلية المنطبقة على الجزئيات.
([5]) أبنية الكلم هي هيئاتها من حركات وسكنات وعدد حروف ...
([6]) هذه الزيادة مني هي لدفع اعتراض على إهمال معرفة الأبنية نفسها في الحد، وإن كان اعتراضا جدليا.
([7]) أي: أحوال أبنية الكلم، وهذه الأحوال هي صفات الأبنية وعوارضها، نحو التجريد والزيادة، والصحة والاعتلال، والإبدال والإعلال، والإدغام، والأصالة والعروض، وغيرها.
([8]) ابن فارس، أبو الحسين أحمد بن فارس (ت القرن الرابع الهجري): "الصاحبي في فقه اللغة العربية"، ص143، طبعة2، دار الكتب العلمية 2007م، تحقيق/ أحمد حسن بسج.
([9]) انظر: ابن عصفور الإشبيلي: "الممتع في التصريف"، ص33، طبعة مكتبة لبنان، 1996م، تحقيق/ فخر الدين قباوة. وابن جني النحوي: "المنصف شرح كتاب التصريف للمازني"، 4/ 1، طبعة دار إحياء التراث القديم، 1373هـ/1954م، تحقيق/ إبراهيم مصطفى، عبد الله أمين.
وقد علل هذان وغيرهما تأخُّر التصريف عن النحو في المناهج القديمة: إما لعسره، ولتدريب الطالب ورياضته بالمسائل النحوية قبل الشروع في الصرف، وإما للطف الفن ودقته. انظر: المرجعين السابقين، الصفحات نفسها.
([10]) نسبة إلى بيع الثياب الهروية، المنسوبة إلى هراة بخراسان.
([11]) وذلك لتداخل الصرف وتكامله مع غيره من علوم العربية، وبخاصة النحوُ، ممَّا أخر استقلاله عن علم النحو. وهناك دعوة من بعض العلماء المعاصرين لإعادة دمجه مع النحو تيسيرا على طلاب العلم.
¥