تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(6) حاول الصرفيون جمعَ المعاني التي يدل عليها بناءُ "فعَل" المفتوح العين بأبوابه الثلاثة، وأهمُّها: (الجمع والتفريق، والإعطاء والمنع، والامتناع، والإيذاء، والغلبة، والدفع، والتحويل والتحوُّل، والاستقرار، والسيْر، والسَّتْر، والتجريد، والرمي، والإصلاح، والتصويت ... ).

ويَنوبُ عن بناء "فعُل" المضمومِ العين في المضعف، واليائي العين مما دل على المعاني اللازمة؛ نحو: عزَّ، وشحَّ (في المضعف)؛ وطاب، ولان (في الأجوف اليائي).

كما يُصاغ من أسماء الأعيان الثلاثية للدلالة على معانٍ متعلقة بها؛ ومنها:

- الإصابةُ (رأَسَه وبطَنه: أي أصاب رأْسه وبطْنَه).

- والإنالة (نحو: تَمَره، ولبَنه: أي أطعمَه تمرًا، وسقاه لبنًا).

- والأخذُ (ثلَثَ المالَ: أي أخذ ثلثَه).

- والاتخاذُ (جدَر: أي اتخذَ جدارًا).

- والعملُ بها (رمَحه، وسهَمه: أي ضربه بالرمح، والسهم).

(7) ولا يجيءُ إلا حَلقيَّ العين أو اللام (وحروف الحلق هي: الهمزة والحاء والخاء والعين والغين والهاء)، وما جاء منه خلاف ذلك فهو شاذ؛ نحو: أبى يأبى.

(8) وتغلبُ صياغته للمعاني الدالة على الأعراض (مرِض، فرِح، حزِن)، والخلو والامتلاء (شبِع، عطِش، روِي)، والحلى والعيوب والألوان (شنِب، عمِي، حمِر)، وكِبَر الأعضاء (كبِد،: كبُرتْ كبِدُه، جبِه: عظمتْ جبهتُه).

كما يَكثر مجيئُه لمطاوعة فعَل المتعدي لواحد، نحو: جدعتُه فجَدِع؛ قال الحسن بن زين الشنقيطي في توشيحه للامية ابن مالك:

وجاء ثالثُها مطاوعًا، ويجي = مُغن لزوما ونقلا عن بنا "فعُلا"

والطبعُ واللونُ والأعراضُ جاءَ لها = وللجسامةِ، والتقصيرُ فيه علا

والمراد بالإغناء اللزومي: أنه يُغني عن بناء "فعُل" لزومًا في ما هو يائي اللام، نحوُ: حيِي، عيِي؛ لأن "فعُل" لا تُبنى مما هو يائي اللام، ولم يجئ من ذلك إلا فعلٌ واحد شاذٌّ هو "نَهُوَ"، وأصله "نهُيَ"، قُلبت الياءُ واوًا لوقوعها لامَ فعل بعدَ ضم.

والمراد بالإغناء النقلي: نيابتُه عن بناء "فعُل" سماعًا لا لزومًا، سواءٌ في صحيح اللام نحوُ: سمِن، أو معتلها بالواو نحو: قوِي (أصلها: "قوِوَ"، قلبت الواو المتطرفة ياء لتطرفها بعد كسرة).

والمراد بقوله: "والتقصير فيه علا" أن اللزومَ في بناءِ "فعِلَ" أغلبُ من التعدي.

(9) وهو كثير في المعلِّ، قليل في الصحيح.

(10) ولم يرد منه مما يجب فيه الكسر في الماضي والمضارع إلا ثلاثةَ عشرَ فعلا، وهي: (وثِق، وجِد عليه: غضب، ورِث، ورِع، ورِك: اضطجع، ورِم، وري المخ: اكتنز، وعِق عليه: عجل، وفِق أمرَه: صادفه موافقًا، وقِه له: سمع، وكِم: اغتمَّ، ولِي، ومِق: أحبَّ).

وورد فيه أحد عشر فعلا يجوز في مضارعها الكسر والفتح، وهي: (بئِس يبئِس ويبأَسُ، حسِب يحسِب ويحسَب، وبِق يبِق ويوْبَق، وحِمت تحِم وتوْحَم، وحِر يحِر ويوْحَر، وغِر يغِر ويوْغَر، ولِغ يلِغ ويوْلَغ، ولِه يلِه ويوْلَه، وهِل يهِل ويوْهَل، يئِس ييئِس وييأَس، يبِس ييبِس وييبَس).

(11) ولا يكون إلا لازمًا، وما سُمع منه متعديا فعلى التوسع والإشراب، نحو: رحُبتك الدار، أي: وسِعتك.

ولا يأتي إلا في أفعال الغرائز والطبائع، أو ما أشبهها من الأفعال المكتسبة الملازمة؛ نحو: أدُب، وصلُب، وفصُح.

يقول الحسن بن زين الشنقيطي في توشيحه للامية ابن مالك:

وهْو لمعنى عليه مَن يَقوم به = مجبولٌ اَوْ كالذي عليه قد جُبِلا

ومعناه: أن هذا البناء يأتي للمعاني الجِبِلِّيَّة نحو: جبُن، وطال؛ والمعاني الملازمةِ التي صارت كالجِبِلِّيَّة نحو: شعُر، وفصُح، لمن صار هذان له كالطبع.

ويُصاغ هذا البناء من جميع الأبوابِ للتعجب، فيخرجُ عن معنى الحدث؛ نحو: "ضرُب فلانٌ"، للتعجب من ضربه.

تنبيهان:

1 - لم يأت من المضعف على بناءِ "فعُل" إلا فعل واحد، هو: لبُبَ يلَبُّ فهو لبيب. وقد نظمه أحدهم بقوله:

ولم يجئ مضمومَ عيْنٍ في الوسَطْ = مضاعَف فيما عدا "لبُبْ" فقطْ

2 - وكذلك لم يُسمع في هذا البناء يائيُّ العين إلا في كلمة واحدة، وهي: "هيُؤَ"، ولا يائيُّ اللام إلا في كلمة واحدة، وهي: "نهُوَ"، ونظمهما بعضُهم بقوله:

فعُلتُ بضم العيْنِ لم يأتِ عينُه = ولا لامُه ياءً سِوى "هيُؤتْ" "نَهُو"

(12) ويُصاغ هذا البناءُ "فعلل" من أسماء الأعيان للدلالة على معان متعلقة بها؛ وهي:

- اتخاذُها وصنعها، نحو: قرمطت الكتابَ: أي صنعت له قِمَطْرًا، وهو وعاءُ الكتب.

- تشبيهُ المفعول بها، نحو: عقربتْ صدغَها: أي جعلتْه ملتويا كالعقرب.

- جعلُها في المفعول به، نحو: زعفرتُ الثوب: أي صبغتُه بالزعفران، ونحو: فلفلتُ الطعام: أي جعلتُ فيه فلفلا.

- إصابتُها، نحو: عرقبتُه: أي أصبته في عُرقوبه.

- جعلُها آلة للفعل، نحو: عثكلتُه، وعرجنتُه: أي ضربته بالعِثكال، والعُرجُون.

- ظهورُها في الفاعل، نحو: عسلجَت الشجرة، وبرعمَتْ: أي ظهرت عساليجُها، وبراعمُها.

كما يصاغ من المركبات لاختصارها، والدلالة على حكايتها؛ نحو: بسمل، وحسبل. وهذه الصياغة تدعى بالنحت، ويشترط فيه الأخذ من كل الكلمات والمحافظة على الترتيب.

(13) الإلحاق: أن تزيدَ في البناء زيادة لتُلحقَه ببناء آخر أكثرَ منه، فيتصرفَ تصرفَه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير