فإننا نعيش في زمن اضطربت فيه أحوال الأمة الإسلامية, فتجد جماعة أو أفراداً أوجدوا لأنفسهم منهجاً انفردوا فيه عن الأكثرية الساحقة, فكانت لهم اجتهادات وتشريعات, وإن استقلت بفكر نشأ بينهم, غير أنها لا تعتمد على الأصلين الذين قام عليهما وبهما الإسلام: الكتاب والسنة.
وبالمقابل نجد بقايا الجمود مستولياً على عدد كبير من أتباع التقليد الأعمى, والمذهبية الضيقة التي قادت الكثير إلى التعصب المذهبي, بناءً على ما وجدوا عليه آباء آبائهم, وكان أصل فكرتهم جيداً, وهو الاعتماد على الكتاب والسنة وفقه أئمة كبار سبقوهم, غير أن التعصب حاد بهم عن الطريقة المثلى, فأصبح عملهم الفقهي مبنياً على التخلف, وأثراً من الماضي البعيد, المبني غالباً على الأقيسة والتأويل, حتى وجدنا عند بعضهم قولهم: الحكم كذا -قياساً- ثم بقول الله كذا, أو الحديث كذا؟ وبعد ذلك تجد أن الحديث لا أصل له, وأن القياس غير صحيح, فتأمَّل!!
واقتنع العديد بالثقافة الأجنبية, مقتدين بالأمم التي نقلوا عنها القانون البشري المتحلل, البعيد عن مصلحة الأمة وأخلاقها, فاستوردوا قانونهم مع بقايا مخترعاتهم وبضائعهم, وتراث بداوتهم الهمجية.
وساد هذا الفهم عند الكثير من أبنائنا, بل وبعض مثقفينا, منذ مطلع القرنين الماضيين الذين تولى أمرنا فيهما مستعمرون من أعدائنا, والتخلف في الحياة المدنية عندنا.
وأمثال ذلك كثير في مختلف مناحي الحياة, حتى اختلط الحابل بالنابل, وهذا كله أوصلنا إلى ما نحن فيه.
تجديد الاجتهاد
وهذا مهَّدَ السبيلَ أمام فئةٍ مخلصةٍ من علماء الدين, والشباب الناهض المثقف, في عدد من بلادنا, نادوا بلزوم إيجاد حركة فقهية متجددة, تبث روحاً في العلوم الإسلامية, مع بقاء الإفادة من الأصلين: الكتاب والسنة.