تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[07 - 12 - 2007, 01:24 م]ـ

الأخ الكاهلي المحترم

جاء في مقدمة كتابي عن الدوبيت ما يلي:

(ويغلب على ظننا أن لا علاقة للدوبيت السوداني بوزن الدوبيت المعروف، إلاّ بالاسم الذي جاءه من طريقة كتابته على بيتين اثنين).

وكنت أتمنى أن أجد أخاً سودانياً يعينني على قراءة الدوبيت السوداني وفقاً لطريقة نطقه، لكي ألتقط وزنه الصحيح منه.

لقد قرأت بعض دوبيتات الحردلو، وسمعت غيرها، فتبين لي ما قلته آنفاً عن وزن الدوبيت ..

تقول إحدى الدوبيتات السودانية اللطيفة:

بانِتْ، مْنادِ قْلوبْنا صاحْ

وتْبكّموا الناس الفُصاحْ

الجَنّ نصَحْ، وجنّوا النُّصاحْ

(الشافْعه مِي شافْعةْ نَصاحْ)

وهي بلا شك على وزن غير وزن الدوبيت المعروف.

أرجو أن أسمع منك ما يفيدني في هذا البابا.

وألف شكر على إضافتك

ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[01 - 12 - 2008, 06:03 م]ـ

وزن الدّوبيت

استقرّت كتب العروض الحديثة على تفعيل الدوبيت على:

فعْلن متَفاعلن فعولن فعِلن

والذي يبدو أنهم أخذوه عن الحاشية الكبرى للدمنهوري (بعد 1230هـ). مع أنه تفعيل ابن المرحّل المالقي السبتي (-699هـ)، الذي يقول: "وقد اخترعْتُ هذه الميزان وأحكمتُها، وهو اختراعٌ نبيلٌ لم نُسْبق إليه، وجريتُ فيه على طريقة العروضيين".

ويكمن الخلل هنا في تأبّي التفاعيل الخليلية على قبول زحافات هذا البحر الغريب عنها. فمتفاعلن؛ ربما صارت إلى (متفاعيلن أو متفاعيلُ) وربما صارت إلى (مفعولاتن أو مفعولاتُ). في حين لا تقبل (فعولن) الزحاف الخليلي (فعولُ) على الإطلاق.

وربما كان ابن الفرخان، وهو من علماء القرن السادس الهجري، من أوائل العروضيين المعروفين الذين حاولوا تفعيل الدوبيت، حيث جعله من (مكفوف الرجز):

مستفعِلُ مستفعِلُ مستفعِلُ مُسْ

مجيزاً أن تتحول (مستفعلُ الثانية فقط!) إلى (فاعلاتُ) زحافاً!!

وتعد المصنفات الفارسية الدوبيت ضرباً من الهزج العربي!! فتزنه على:

مفعولُ مفاعلن مفاعيلن فاعْ

مفعولُ مفاعيلُ مفاعيلن فاعْ

متعسفين له أسوأ العلل، لضبطه على هذه الأفاعيل.

ومثل ذلك قطّعه الزنجاني (- بعد660 هـ) كما يلي:

مفعولُ مفاعلن فعولن فعْلن

واقترب حازم القرطاجني (-684 هـ) من روح الدوبيت بتفعيله على جزء ثماني، أتبعوه بما يُناسبه من السباعيات، وجعلوا السباعيَّ التاليَ له ناقصاً عن سابقه:

مستفعِلَتُن مستفعلن مستعِلن

ليكونَ كل واحد من الأجزاء أخفّ مما قبله، وهو المستطابُ في الذوق، والأحسن في الوضع، مراعياً كما يقول طريقةَ الخليل في تفعيل البحور.

وكان ابن سعيد الأندلسي (-685 هـ) قد قال في الدبيتي: إنهم "استنبطوا وزنه من الرجز"، وأنّ "فيه متحركٌ وساكنٌ زائد على الرجز المُثلث المسمى بالمشطور".

واختار أبو إسحاق التلمساني (-699هـ)، وهو الأقرب إلى روح الدوبيت، التفعيل:

فعِلن فعِلن مستفعلن مستفعلن

مشيراً إلى أنه بحر مركّب من تفعيلتين، وشطره مثمّن، كالطويل والمديد والبسيط!! مدّعياً أن (فعِلن) الأولى لا ترد إلاّ مضمَرة (فعْلن)، وأن العروض (مستفعلن) لا ترد إلاّ مطوية (مستعلن)!! وهذا ما اختاره عبد الصاحب المختار من المحدَثين، دون إشارة إلى مصدره.

إلاّ أنّ من المُحْدثين مَنْ أتى بتفعيلٍ مختلفٍ تماماً للدّبيتي.

فقد تخبّطَ د. كمال أبو ديب في تحليله لهذا الوزن تخبُّطاً شديداً، دون أن يخرج من ذلك بطائل. معتبراً وزنَ الدبيتي ليس إلاّ تحقيقاً فعلياً للإمكانية النظرية التالية:

فا فا فا علن فا فا علن فا فا علن!!

ونظراً إلى أنّ هذا الوزنَ يساوي: (تن مستفعلن مستفعلن مستفعلن) فهو على ذلك ليس إلا تطوّراً عن بحر الرجز كما يقول (!!).

ومرةً أخرى، يجعلُه تطوراً عن بحر الخبب، حيث يحدث فيه تبادلٌ بين (فعِْلن وفعولُ وفاعلُ) كما يقول (!) مثل:

فعْلن فعِلن فعولُ فعْلن فعْلن

ولسنا بحاجة إلى القول؛ إن هذا ليس من الخبب في شيء.

وفي محاولةٍ مُخْفِقَةٍ، تكلَّف الشيخ جلال الحنفي قَسْرَ هذا البحر ليضمَّه إلى بحر الرمل، فقال: "هذا نمطٌ من الرمل نشَأَ من جرّاء خَرْمٍ أُحدثَ في وزنه الأول (يقصد فاعِلاتن الأولى) فبقيَ من تفاعيله ما صار وزناً مُتميِّزاً عن نظائره سمَّيناه مُخلّعَ الرمل" (!!) "وإن أدّى التّخليع إلى اختلالِ التفعيلة الأولى في كلٍّ من صدرِهِ وعجُزِه" (!!). هكذا:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير