تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فأقسم الأمير بالسقف المرفوع، أن الغلام لشاعر مطبوع. وقال: أشهد أن هذا الشيخ قد تجنى عليك، وأساء بما نسبه إليك. فخذ هذه الدنانير، جَبْراً لقلبك الكسير. وإن شئت أن تُقيم بداري، فأنت أكرم أنصاري.

قال: أنا على ما تروم، إن انتصفت لي من هذا الظَّلوم، بأن لا يفوهَ بعدها بمنظوم.

فلما رأى الشيخ صبْحَ ليلته ومساءَها، ظنَّ أن وراء الأكمة ما وراءها.

فانتصب كثالثة الأثافي، وقال: أريد أن أودِّعَ القوافي. وأنشد:

قد فسَدَ الدهرُ لطول الأمَدِ

فلا يَسودُ فيه غيرُ الأمرَدِ

إن الفتى قد جَدَّ لي في اللَّدَدِ

إذ ليس لي من سنَدٍ أو عَضُدِ

شكوتُهُ إلى أمير البلَدِ

وقد رجَوتُ أن يكون مُنْجِدي

فكان خصماً، مثلهُ لم أجِدِ

كأنما قطعتُ رأسي بيدِي

لئن مُنعْتُ عن قريضِ المنشدِ

فالنثر أشفى لغليلِ الكبدِ

وإن تجاوزتَ العراقَ في غدِ

فكن لرُكبانِ السرَى بمرصدِ

إن حملتْ شعري لأهل المربد

قال: فكأنَّ الأميرَ أفَاق، وأشفقَ من التنديد به في الآفاق. فقطع لسانَ الشيخ بنِصاب، وقال: هذا أيسرُ ما به نُصاب.

ثم قال له: دعِ التهَمَ بينك وبين الفتى، فليذهب أمامك من حيث أتى.

فانصرف الشيخ والفتى يتضاحكان، كأن لم يكن بينهما شيء مما كان.

قال سهيل: وكنتُ قد تبيّنتُ أن الشيخَ هو صاحبُنا ابن الخزام، فهرعت على أثره لأنظر ذلك الغلام. وإذا به قد ناوله الدنانير، وقال: اشكرْ نعمة الأمير. فعجبت من استحالة تلك الحالة. وقلت: سرعان ذا إهالة. فابتدرني الشيخ بالسلام، وهنّأني بالسلامة وقال: أهلاً بأبي عبادة الذي لا تفوته مقامة! قلت: بل أهلاً بالمقعد المقيم، فما هذا الملَكُ الكريم? فاهتز اهتزاز المهند، وتبسم لي وأنشد:

هذا غلامي بل أنا غلامُهُ

يا طالما أفادني استخدامُهُ!

ينفعني في منزلي قيامهُ

وفي الدجى يؤنسني كلامهُ

وفي السرى يسعفني اهتمامه

حتى إذا أعوزني طعامهُ

سعى بسد خلتي خصامه

ثم قال: أنت راويتي وشاهدي، وجليسي في مشاهدي. فلك أن تشاركني في العطاء، ولكن عليك أن تحمل عني شطر الهجاء.

قلت ليس من هجاك إلا كمن هجا الورد، فعليه كل هجائه ولا شريك له من بعد.

قال: قد أحسنت الجواب وإن لم يصب موضعه، فخذ هذه النحلة وادع لي بالفلاح والسعة.

فودعته مطنباً بشكره متعوذاً من مكره.

ـ[ضاد]ــــــــ[12 - 02 - 2009, 07:21 م]ـ

قصة لطيفة ظريفة أدخلت البسمة إلى شفتي والسرور إلى قلبي. بارك الله فيك وزادك علما.

صدق من قال: الحاجة أم الاختراع.

ـ[زينب هداية]ــــــــ[13 - 02 - 2009, 11:48 ص]ـ

زدنا من الدُّرر .. يا دكتور عمر!!

ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[14 - 02 - 2009, 08:13 م]ـ

شكر الله لك أستاذ ضاد

وملأ قلبك بالسرور

وأحسن الله لك أختنا الفاضلة مريم

وكل الشكر لمن شكر

ـ[المبدعه]ــــــــ[04 - 03 - 2009, 11:46 ص]ـ

ما أروعها من قصة

شكرا د-عمر على ما اتحفتنا

ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[04 - 03 - 2009, 12:07 م]ـ

تغوص في أعماق التراث فتأتنا كعادتك بالدرر أخي الحبيب د. عمر ..

فبارك الله لك همتك.

ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[05 - 03 - 2009, 06:03 م]ـ

والشكر لك أختنا الكريمة

والشكر موصول لأخي الحبيب أحمد الغنام

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير