تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[الحب خطر]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 11:11 ص]ـ

الجزء الخامس

مزق صوت رصاصة انطلقت من فوهة بندقية قوية وسط الأحراش هدوء الجزيرة .. أسقطت القرد وهو في الهواء صريعاً على الأرض دون حراك!!!!

لقد اخترقت الرصاصة رأسه واستقرت بداخل جمجمته الصلبة .. ثم حلقت أرتال من طيور النورس والببغاء وأنواع من طيور الغاب المفزوعة وملأت السماء بمنظر مهيب واتجهت فوق البحر.

ثم جثا كريم على ركبتيه أولاً قبل أن يسقط على الأرض ويستقر على ظهره بحركة ماكرة وتظاهر بالموت!!!

مرت ثوانٍ بطيئة قبل أن يشعر كريم بخطوات شخص يقترب منه بحذر ..

ثم أحس وهو مغمض العينين أن صاحب البندقية يقف فوق رأسه تماماً ثم نزل هذا الغريب ووضع يده على صدر كريم يتفحص قلبه ونبضه!!

وبحركة رشيقة مباغتة تمكن كريم من أن يسقط هذا الغريب على الأرض ويقف هو فوقه شاهراً سكينه الحادة في وجهه ووضع عرض ساعده على صدره ..

وكم كانت دهشته، عندما رأى أن الشخص الغريب ما هو إلا تلك الفتاة البيضاء الساحرة ذات الشعر الأسود الطويل المتدلي على كتفيها!!؟؟

كانت فاتنة بالفعل .. وجمالها طاغ ٍوأخّاذ. ورغم أنوثتها ونعومة ملامحها الآسيوية.

إلا أنها عنيفة جداً وشرسة ومتعجلة وكأنها قد ترجّلت.

دفعته من فوقها بعصبية ثم حاولت الاختفاء من جديد وسط الأدغال .. إلا أن كريم هذه المرة وقف أمامها ومنعها من هذا الاتجاه بالذات ..

فتحولت الماكرة بسرعة نحو البحر .. ثم قررت الاختفاء وسط الماء!!!

يبدو أن الأمر عندها لا فرق؛ فقد تلقت تدريباً قاسياً في المكانين ..

ثم انطلقت كالسهم باتجاه الموج القادم.

لحق بها كريم وقد أضناه التعب وأنهكه .. ولا يدري ما الذي يدور في رأس هذه الغريبة التصرفات ولا ما الذي يفزعها منه .. ثم بدأت بقفزات رشيقة وهي تضحك تختصر مسافات الشاطئ وتركب الموج ثم غطست داخل البحر بحركة بهلوانية عالية واختفت بين الأمواج وكريم يلحق بها وقد أقسم هذه المرة أنها لن تفلت منه مهما كلفه الأمر .. ثم ملأ صدره بالهواء وغاص وراءها في عمق الماء ..

كانت أشعة الشمس تلاحقهما بخيوط ذهبية تتلألأ وتتكسر بين طبقات الماء على عمق ليس بالبعيد .. وتسمح لكريم أن يرى تلك السباحة التي تحولت كالفقمة في رشاقتها وسرعتها. ومهما يكن من أمر فإن مسألة الإمساك بها باتت وشيكة للغاية.

على الأقل هي المخلوق الأكثر وداعة الذي رآه على هذه الجزيرة الغامضة حتى الآن .. ويبدو أن الاقتراب منها رغم صعوبته سيحقق له الأمان بعض الشيء إن هو استطاع التخاطب معها بلغة مشتركة بالتأكيد.

يبدو أن عناد الذكورة في قلبه واعتداده برجولته كما اعتاد عليه في المدينة لم يسعفاه هنا هذه المرة؛ للتغلب على هذه المخلوقة في موطنها الخاص!!

فقد كان نَفَسُها تحت الماء وبراعتها في السباحة أكبر منه ‘ ثم صعدت إلى سطح الماء قبله وهي تضحك وتتبسم وتشعر بنشوة الانتصار على الزائرالغريب وتوجهت للشاطئ وتركته يركض خلفها ونَفَسُه يلهث ..

ثم عمد إلى الحيلة من جديد؛ فاختصر المسافة المؤدية إلى الكوخ ليقطع عليها طريقها نحو الغابة .. فتوجه ناحية تَبّة ٍ مرتفعة عن الأرض قليلاً ثم حين مرت من تحته قفز إليها قفزة عالية في الهواء ووقع عليها ... ثم وقعت على ظهرها ولم تدر إلا وكريم فوقها ..

ثم أمسك بيده اليسرى يدها اليمنى وثبتها على الأرض ..

وأمسك بيده اليمنى يدها اليسرى وثبتها على الأرض ..

ثم صرخ بوجهها بكلمة واحده وصدره يهتز بعنف من ترداد النفس وقال: " كفى أرجوكِ".

وسدد نظره في عينيها الجميلتين اللتين يملآنهما روح التحدي والمغامرة ... ثم بدأت قبضته تتراخى تدريجياً حين شعر بهدوئها وسكونها المفاجئ!!!

تراخت هي الأخرى تدريجياً حين التقت عيناها في عينيه لأول مرة .. وأشفقت عليه بنظرة تحنان وادعة وكأنها رأت فيه عالمها الفسيح من الأمل القادم.

سكنت جميع جوارحها سكون الطفل الوديع حين ينام بين يدي أمه، وخفت مقاومتها بشكل ملحوظ .. ولم تنطق بكلمة واحدة حتى الآن!!!

لقد أخرس بهاءُ المشهدِ كل كلمة كادت أن تولد على شفتيها، وربط الموقف أوتار صوتها المخنوق، فلم تعد تقوى على الكلام ...

يبدو أن التقاء العيون قد بدأ مفعوله السحري في السيطرة على الموقف وتهدئة المشاعر الثائرة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير