تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[الحب خطر]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 11:20 ص]ـ

الجزء الثامن

.

كان كريم يسير في طرقات القرية يتبع غيوم التي كانت تمشي بسرعة إلى حيث لا يدري!! حتى اقتربا من مبنى قديم وكبير مبني من الطوب والحجارة الجيرية .. وعلى سطح المبنى ظهرت عدة أطباق معدنية معلقة على قضيب حديدي يرتفع في الهواء عدة أمتار؛ إنه على ما يبدو مبنى للاتصالات اللاسلكية حديث التجهيز أو كأنه لم ينته تجهيزه بعد.

كريم: غيوم .. غيووووووم إلى أين نحن نتجه الآن؟؟ قفي لحظة أرجوك وأخبريني!!

توقفت غيوم فجأة واستدارت نحوه وقالت بعصبية ظاهرة: في هذا المبنى يعمل ضابط اتصال عسكري من أصدقاء والدي القدماء وهو متخصص في شؤون الاتصالات اللاسلكية .. ربما أمكنه إصلاح الجهاز الذي معك!!!

قفزت إلى ملامح وجه كريم علامات استفهام ودهشة!! ماذا يسمع الآن!! هل غيوم تساعده في إصلاح الجهاز من أجل إرسال نداء استغاثة وهي تعلم أن معنى هذا أنه سيرحل عن هنا؟؟ ما معنى تصرفها هذا!!!؟؟

حسناً والحرف الذي وجده معلقاً على بابه!!

والعبارة الجميلة على الشاطئ!!

ونظراتها الثاقبة!!

وتساؤلات عديدة انهالت على خاطره!!!.

هذه التساؤلات أكدت أن كريم لم يكن قد عرف الأنثى بعد ... ولم يفهم تركيبتها المعقدة وعزتها وكبرياءها، بل ولم يفهم بعد أنها تصمد أمام كل شيء بجبروت وعناد .. إلا الحب.

وحين يغزو أرضها تلقي هي السلاح وتستسلم له .. إنه الشيء الوحيد على ما يبدو القادر على ترويضها تماماً.

دخلت غيوم إلى داخل المبنى وكريم وراءها يصعد السلم في محاولة للبحث عن إنسان في هذا المبنى الذي بدا وكأنه مهجوراً ..

على سطح المبنى وجدا الرجل الذي تكلمت عنه غيوم منشغلاً بإصلاح أحد أطباق البث، وسط أكوام من الأسلاك المتناثرة هنا وهناك، وما إن رآهما مقبلين حتى قام فرحاً ورحب بغيوم في حنان ولطف وسألها فوراً عن والدها الملازم ..

عرفته غيوم بكريم وطلبت منه أن يساعدهما في إصلاح هذا الجهاز إن كان في استطاعته ذلك ..

تناوله الرجل ثم تفحصه على عجل وقلبّه بين يديه .. ثم نزل به إلى غرفة في أسفل المبنى مليئة بالآلات القديمة وقطع الخردة، وراح يجري عليه بعض الاختبارات.

مضت ساعة تقريباً، ثم قرر أخيراً أن هذا الجهاز الغريب (المتطور بالنسبة إليه) ربما يحتاج إلى ثلاثة أشياء!!

- سألته غيوم: وما هي هذه الأشياء؟؟

- الرجل: حسناً، يحتاج أولاً إلى أريل هوائي عالي (أنتينا) وهذا أعدكم بتوفيره لكم .. فقط أمهلوني يومين ريثما يجهز.

- غيوم: والثاني؟؟

- الرجل: يحتاج إلى مولد كهربائي عالي الجهد لبث الإرسال، وهذا النوع يوجد فقط في دائرة الشرطة في مكتب الرقيب جلال.

- غيوم وهي تنظر إلى كريم نظرة حيرة: حسناً .. والثالث!!؟؟

- الرجل: أمممم ... يحتاج أيضاً إلى أربع بطاريات جافة غير هذه التي أعطبها الماء والملح .. وهذه ثمنها مرتفع جداً في هذه الجزيرة الصغيرة.

نظر كريم إلى غيوم نظرة تعجب واستغراب وكأنه يسألها عن كيفية توفير مثل هذه الأشياء وهو لا يملك نقوداً في هذه الجزيرة وليس له معارف ولا أقارب!!؟؟؟؟

خرجا من عنده، والخيبة تملأ نفسيهما .. ثم انزويا تحت شجرة دوح عملاقة وسط الطريق وجلسا تحت ظلها يفكران في الخطوة القادمة.

وبينما هما صامتان مطرقان لبضع دقائق، أدخل كريم يده في جيب قميصه في حركة عفوية فأحس بوجود القلادة، فأمسك بها بأطراف أصابعه .. ثم نظر إلى غيوم وهي تنكش الأرض بعصا كانت في يدها تفكر في المجهول!! إلا أنه أعاد القلادة حيث كانت في جيبه بهدوء؟؟؟

ربما أحس أن الوقت لا يزال مبكراً على حركة جميلة لاحت في عقله.

رغم صمتهما المطبق ... إلا أنهما كانا يتكلمان فيما بينهما من غير صوت ... ومن غير حروف، بلغة لا يفهمها إلا هما فقط!!.

إنها لغة المشاعر والأحاسيس .. تلك اللغة؛ التي يصعب ترجمتها على من لم يدرس الحرف في مدرسة الحب ..

تلك اللغة؛ التي ينطق بها أصحابها بلا صوت .. وبلا إشارة .. وبلا قواعد ولا مقدمات ..

تحت ظل شجرة الدوح هذه .. وعلى تراب هذه الجزيرة النائية؛ بدأت تتكون أجمل الأحاسيس وأكثرها عذوبة ونقاءً في نفس كريم تجاه غيوم ..

وتبادل معها بصمت أروع القصائد .. وأعذب الأشعار ..

قصائد من غير أبيات ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير