تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كل شيء شكلا وجوهرا فالجلد اول طبقة في جسم الانسان يلامس الطبيعة وهو اول جزء في الجسم يتأثر بالعوامل الجوية وتقلبات الطبيعة من الخارج والنبض هو اول شيء يتجاوب مع شعور الانسان من الداخل في حالتي السلب والايجاب هنا نرى العلاقة القائمة بين الشكل والجوهر اذ كل يتأثر بتأثر الآخر بالنسبة للانسان (الشكل والجوهر) هي معادلة او مشابها لعملية الشكل والمضمون في الادب فتلبس الارض بالانسان والانسان بالارض خال من الزيف فالشاعر يرى ان الارض- الوطن (مفهوما ومعنى) كل شيء في الحياة اما الدخيل (العدو) فيرى انها محسوسات لا غير (الشارع، الحانوت، الجرائد) اي ان الماديات هي التي تسيطر على عقلية (العدو) وهذا يعني عدم الاكتراث بقيت الارض أم زالت لانها خارج المعادلة بالنسبة له.

كان الخريف يمر في لحمي جنازة برتقال

قمرا نحاسيا تفتته الحجارة والرمال (01)

ان شجرة البرتقال التي تتبوأ المكانة الثانية لدى الانسان الفلسطيني بعد شجرة الزيتون انما هي رمز للساحل الفلسطيني هذه الشجرة التي تتمتع بصفة معينة فخضرتها الدائمة وحمرة التربة التي تغرس فيها وكذلك زرقة البحر هذه الالوان المتآلفة تخلق حالة انطباعية في نفس الانسان وحالة من التوحد والثبات ففصل الخريف الذي هو فصل التعرية (التعرية من كل شيء تكون فيه اكثر مقتنيات الطبيعة من الاشجار قد تهاوت اوراقها وتبدو مجردة للعراء توحي للناظر بحالة من التجرد الطبيعية (تلك الحالة الاختيارية الجبرية) لكنها حالة ليست من السهل ان تتقبلها كل النظم في الكون فعملية التعرية تعني الخلاص من الزيف الملتصق بالاشجار لتبدو تلك الاشياء على حقيقتها كما لو لم يكن لها ساتر لـ (الاوراق) وتشبه تلك العملية عملية (بداية لنهاية ونهاية لبداية). ففي فصل الخريف تبدأ عملية الاستعداد لنهاية من حياة كان لها بدء، والدخول في حياة جديدة اي بدأ الموت من اجل الحياة تلك عملية التجرد والاستعداد لا نلمسها رؤية مجردة في شجرة البرتقال وانما تبقى كما هي اللون الاخضر والثمر البرتقالي على مرآى من الجميع وكأن تلك الشجرة هي وبعض الاشجار الاخرى تتحدى نظم الحياة ببقاء كسوتها عليها لكن الذي يميز بعض اشجار الليمون انها مستديمة في عطائها المثمر فهذه ميزة تتمتع بها تلك الشجرة على الرغم من مرورها بطور (البداية والنهاية) التعرية الا انها لا تتوقف عن العطاء.

وتلك العملية لا تكون محسوسة بالرؤيا واما ملموسة من خلال طرح الثمر، ففصل الخريف بما انه فصل تجرد ووضوح الا انه لم يؤثر على الشاعر سلبا وانما نراه يمر وان كان مروره مرورا جنائزيا الا ان هذا المرور يشبه المرور على البرتقال نفسه (حالة التجدد مع الثبات) وان كانت تلك الحالة من التجدد تسقط شيئا من الشيء المحمول الاوراق للبرتقال (بعض الذكريات للانسان) الا ان تلك الاشياء تكون عاملا مفيدا وفاعلا اذ الارض هي المتلقية فمعها تبدأ عملية التكوين ففي قصيدة (قال المغني) نرى مدلولا جوانيا وظاهريا فما هو جواني تعبر عنه بنية مركبة من نقيض (جواني) مقابل نقيض آخر يجمع سائر ابيات القصيدة

هكذا يكبر الشجر

ويذوب الحصى

رويدا رويدا

من خرير الماء

المغني على طريق المدينة

ساهر اللحن .. كالسهر

قال للريح في ضجر

دمريني ما دمت انت حياتي

مثلما يدّعي القدر

واشربيني تحت انتصار الرفات

هكذا ينزل المطر

يا شفاه المدينة الملعونة

ابعدوا عن سامعيه

والسكارى وقيدوه

ورموه في غرفة التوقيف

شتموا امه وام ابيه

والمغني يتغنى لشعر شمس الخريف

يغمد الجرح بالوتر

المغني على صليب الألم

جرحه ساطح كنجم

قال للناس حوله، كل شيء سوى الندم

هكذا مت واقفا

واقفا مت كالشجر

هكذا يصبح الصليب

منبرا او عصى نغم

ومساميره وتر

هكذا ينزل المطر

هكذا يكبر الشجر (11)

فالمتتبع للقصيدة يرى انها تحتوي على ثلاث ترنيمات هي:

1 - ترنيمة الفناء والبقاء في الابيات (1.2،3،4،72،82،92،03،13).

2 - ترنيمة الموت وارادة الحياة في الابيات:

(5،6،7،8،9،01،11،21،12،22،32،42،52،62).

3 - ترنيمة السلب والايجاب (31،41،51،61،71،81،91،02).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير