تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أسهب أحمد في التفكير و التأمل فيما يحيط به .. السماء الصافية التي امتزجت بالقليل من قصاصات السحب، تضربها الشمس بأسواط من لهب .. أصوات الناس والمارة في السوق، ضجيج فضيع، يقتل السكون الذي ساد السوق عند الفجر .. لأنه الظهيرة هي وقت الذروة .. السكان في عجلة من امرهم يردون العودة إلى منازلهم فلا احد يستحمل لهيب حر الصيف الذي يكوي الأفئدة .. دائما يرى أن أمته قد غرقت في بحر مظلم لا منجى منه .. فقد كثر الفساد .. ولم يفكر يوماً في الأسباب .. وينما هو شارد الذهن غارق في تأملاته إذا بتوماس قد دخل إلى محله و تقدم نحهوه، اتكأ على الطاولة التي يجلس بجانبها ووضع كأس الخمر الذي يحمله بين يديه، فزع أحمد لرؤية توماس لأن رائحة الخمر تفوح منه وشعر بشيء من القلق والربية .. لم يكن يعلم سبباً لها .. لأنه من المفروض أن يكون سعيد لرؤية أحد المارة يدخل إلى محله، وقف أحمد ورحب بتوماس وسئله بكل لطف: هل أستطيع أن أخدمك يا سيدي، فرد توماس: بالطبع، أريد شيئا من قطع الحلوى هذه .. ومد يده ليستل بعض القطع من داخل أحد العلب، فسرعان ما سحب أحمد العلبة قبل أن تصل يد توماس إليها وقال له: عذرا ً لا تلمسها قد تلوثها بيدك .. هذه الحلوى تخصني و لو أردت شيئا منها .. ادفع ثمنها .. تعجب توماس من حرص أحمد على هذه العلب والطريقة التي يغطيها بها .. يخشى عليها من كل شيء حتى أنه يخشى عليها من ضوء الشمس.

ولكن صوت إدوارد الذي قطع فجأة: توماس توماس يا صديقي العزيز .. أين أنت أنا أنتظرك هنا منذ فترة طويلة .. فالتفت توماس إلى الخلف وتظاهر بأنه قد تفاجئ لرؤية إدوارد:آه صديقي القديم .. لم ارك منذ زمن .. وتسارع خطوات إدوارد ليصل ويعانق توامس بحرارة ثم قال: أنا في عجلة من أمري هلا أسرعت وأحضرت لي ما جئت لأجله .. فرد توماس بصوت شاحب: سامحني يا صديقي أنتظر هنا قليلا ً سأذهب لأحضرها من المنزل.أنت تعلم صديقك الخرف كثير النسيان .. ترك كأس النبيذ على الطاولة و خرج مهرولا ً وهو في عجلة من أمره .. جلس إدوارد على الطاولة وظل يتأمل في كل قطع الحلوى الجميلة .. يتمنى أن يصل إلى واحدة فقط .. قال لنفسه: ((لقد حان الوقت لأبدأ بتنفيذ الخطة)) إلتفت إلى كأس الخمر وقال: أهذا الكأس لك .. فرد أحمد: لا إنه يخص صديقك الذي ذهب منذ دقائق .. تنهد إدوارد وقال: حسبت أنه لك .. أنت لا تعلم ما مقدار السعادة التي ستشعر بها لو تناولت القليل منه .. آه عالم جميل .. ينسيك همومك .. و يثلج صدرك .. يطفئ نار الصيف الحارقة في أعماقك .. إن لم ترد أن تتناوله أنا من سيأخذه ..

شرد أحمد .. تصادمت الأفكار في رأسه .. لأنه يشعر بالعطش .. شكل الكأس مغرية .. تقطر من شدة برودتها .. ولكنه تبسم وقال: لا أريد أنا لم أعتد أن أشرب مثل هذه الأشياء .. محرمة في ديني .. فضحك

إدوارد وقال: محرمة .. يا رجل مهما يكن .. أتحرم نفسك القليل من الراحة والاستمتاع لهذا السبب .. ألا تشعر بالعطش .. أتعلم سأتركها لك .. جربها وستنعم بالكثير ..

عاد توماس ودخل مسرعا إلى كأسه وكأنها كنز ثمين، ضرب يد إدوارد ليبعدها عن الكأس: لقد عدت يا كأسي الحبيب .. إدوارد ماذا تظن نفسك فاعلاً إنها غالية على قلبي .. فضحك إدوارد: كعادتك تحب ان تستفرد بهذه السعادة الأبدية .. يا رجل دع صديقنا يجربها .. تخيل لم يجربها أبدأ .. توماس: حقا ً أنا لا أصدق أنه هناك أحد في هذا العالم لم يجرب هذا النبيذ الفاخر .. تناول الكأس من على الطاولة وأعطاه لأحمد .. وقال له: جربه .. القليل فقط وستشعر براحة فورية .. هذا مفتاح السعادة .. مقابل كل رشفة تتحقق أحد أمنياتك .. ثم أردف قائلا ً: سنعود بعد قليل .. لأننا سنذهب إلى مكان آخر للبحث عن شيءٍ يخص صديقي ... وانسحبا من المحل .. كذئبين انتظرا غفوة الراعي لينهالا على أغنامه .. و يستوليان عليها ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير