تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ظل أحمد في صراع عظيم بين قلبه وعقله .. فقلبه يقول له: لا .. لا تغضب ربك .. وعقله يقول .. يا رجل لقد قضيت عمرك في طاعة مولاك .. لن يضرك القليل .. رشفة واحدة فقط .. ترددت هذه الجملة كثيرا ً في رأس أحمد .. رغم أنه لم يكن مقتنعا بها .. لم يكن يعلم أيصدق قلبه أم يكذبه؟؟ .. لوهله شعر أن جدران الغرفة تقترب منه وكأنها تريد أن تجهز عليه قبل أن يتناول شيئا من الكأس .. ولكنه سرعان ما أغمض عينه وشرب جزء منه بسرعة .. و بعدها تسارعت دقات قلبه .. تصبب جبينه عرقا ً .. شعر أن الزمن قد توقف .. ولكنه ارتاح لطعم الشراب رغم مرارته .. لأنه كان شديد البرودة .. وضع الكأس بسرعة وعاد لمكانه .. وبعد بضع دقائق عاد ليشرب ما تبقى من الكأس .. شعر بدوار خفيف .. فقد جزء من تركيزه .. ولكن بعد بضع دقائق دخلت امرأه جميلة .. ترتيد ديباجأ أحمر .. وتضع حول معصمها الكثير من الذهب .. وقفت عند الباب وقالت: أنت أيها الشاب الوسيم .. هل تستطيع مساعدتي؟ وقف احمد ذاهلا ً ورد بصوت متقطع: نـ .. نعم .. بالتأكيد .. التفتت الفتاة نحو الطاولة التي وضع عليها الكوب وقالت: لا لا .. أنس الأمر يبدو أنك تستمتع بالشرب .. لا أريد أن أعكر مزاجك ... فقاطعها أحمد: لا .. هذا الكأس ليس لي .. أنه لزبون قد ذهب منذ قليل .. فتبسمت وقالت له: إذن .. تستطيع مساعدتي .. أحمد: نعم .. فتبسمت وقالت: أنا أريد القليل من هذه الحلوى .. ولكني قد أنفقت كل نقودي .. ضع لي القليل منها وأحمل أغراضي إلى المنزل سأدفع لك مئة قطعة نقدية .. ما رأيك؟؟ .. تهلل وجه أحمد لأنه يحتاج إلى أن يعمل سنة كاملة ليجمع مثل هذا المبلغ ... أبدى لها موافقته .. وأسرع بوضع كمية كبيرة من الحلوى في إحدى العلب .. وخرج حاملا ً ما اشترته السيدة الجميلة من السوق .. ظل يمشي خلفها لتوصله إلى منزلها .. طغى الطمع وانتشر في قلبه قتل الخير في داخله .. لأنه صدق كلام توماس .. شعر أنه قد ملك الدنيا بين يديه .. لقد تحقت معظم أمنياته .. امرأة جميلة .. مئة قطع نقدية .. في يوم واحد فقط مقابل كوب واحد من ذلك المشروب العجيب .. وصل إلى منزلها .. طلبت منه أن يدخل ليستلم نقوده و لكنه غرق في بحر ظلماته .. استسلم لنفسه الأمارة بالسوء .. خان نفسه الأمينة .. وبعدها ...... ، اختفى أحمد مدة طويلة .. هجر الإيمان قلبه حين هجر المسجد .. انطفأ النور الذي كان يسكنه حين سمح للظلام أن تسلل إلى أعماقه ..

وبعد ثلاثة أشهر من اللهو و السكر .. بعد أن ضاع وضل .. عاد يتخبط في أزقة المدينة .. نسي أنه قد كان له محل يكسب منه رزقا ً حلالاً .. مشى في الطريق الطويلة وسط السوق .. هائما ً على وجهه لا يعلم أين يذهب .. ولكنه فجأة استفاق من الضلال الذي كان يعشش في قلبه .. حين رأى محل الحلويات الذي تخلى عنه .. وقت رأى محل حلوياته شعر وكأنه قد تلقى الصفعة الأقوى على الإطلاق التي شعر بها في حياته وقت رأى توماس وإدوارد يجلسان داخل محله .. بعد أن عبثا بكل علب الحلوى الذي كان يعتبرها كنزه الثمين .. كبت العب على الأرض .. فقدت قيمتها .. أصبحت تداس عبثا دون أن يكون لها أي معنى .. حاول أن يحمل جسده النحيل بخطى ثقيلة .. ولكن والأدهى والأمر أنه حين أقبل ليدخل إلى محله الصغير .. سمع توماس يضحك بكل برود يردد: (أرأيت ياصديقي العزيز إدوارد؟! كأس وغانية تسقط أمة في ثانية، كأس وغانية تسقط أمتهم في ثانية .. أرأيت كيف خدعت ذاك الأبله .. لا تنسى أن تشكر صديقتك التي جرته إلى ما وراء الشمس .. فرد إدوارد: لقد قلت لك يعجبني هذا العقل الماكر .. )

انهار أحمد .. جلس إلى جانب المحل، بكى قلبه قبل أن تدمع عينه .. تقطع فؤاده .. لم يكن يعلم ماذ يفعل .. ضل يرتجف في مكانه لأنه قد وصل متأخراً .. ضاعت كل أحلامه .. خُدع من قبل أغبى مخلوقين على وجه الأرض .. استسلم لطمعه و الشر في نفسه .. وفي تلك اللحظة بالذات مر شريط حياته أمام عينيه تذكر أنه استسلم لضعفه .. وكذب على قلبه .. ونسي لقاء ربه .. أدرك ساعتهاأنه أصح أحد الغارقين في بحر الظلام .. فلطالما انتقد الآخرين بغض النظر عن السبب الذي أضلهم .. وضع رأسه على الأرض وظل يبكي .. تمنى لو تبتلعه الأرض .. أو تجلده الشمس بأسواطها الحارقة .. لم يكن يعلم ماذا يفعل .. هل يستسلم للذل و الضعف والهوان ويبقى على هذه الحال؟ .. أم يغسل قلبه بدموع ندمه ويؤوب إلى ربه؟؟ يعيد الكرة .. يقاوم .. وسرعان ما لمع بريق الأمل عندما مر في الشارع شيخٌ كبير .. يتكأ على عصاه .. ظهره معقوف .. أدبته الحياة وعلمته السنين .. لأنه كان يردد: ((الأمة الإسلامية تنام ولا تموت))

ـ[قلم الفيض]ــــــــ[21 - 03 - 2010, 11:26 م]ـ

قصه جميله

ابدعتي باسلوبك مشوق جذبتني عبارتكي ...

اتمنى لكي التفوق

وانتظر تميزك في قصص جديده

ـ[$ إشراقات $]ــــــــ[22 - 03 - 2010, 04:15 م]ـ

أشكرك أختي .. قلم الفيض ..

عباراتك الجميلة شجعتني ..

مع فائق إحترامي ... إشراقات ...

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير