تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[السمو]ــــــــ[14 - 07 - 2004, 06:48 م]ـ

أهلاً بك أخي الجواد ..

الكلام حول الحداثة كمصطلح فكري , أو مذهب أدبي أمر ليس باليسير .. فالأسس التي تقوم عليها الحداثة متباينة ,, و قد يناقض حداثي حداثياً آخر , بل يصل الأمر إلى أبعد من ذلك فيناقض الحداثي نفسه .. ليس في أهداف الحداثة فحسب ,, بل في تعريفها .. و هنا المحور الأهم الذي كان عليك التعريج عليه , و التركيز فيه ..

ثم إني أعتب عليك حينما اقتصرت في مصادر هذا المقال على ردود و كتب (المناوئين) ,, و لم تتعب نفسك في قراءة كتب الحداثيين قراءة ممعنة لا انحياز فيها لتكون من المقسطين ..

فبات مقالك كله نقولا و اقتباسات تعتمد فيها على غيرك في تحليل النصوص و قراءة الأفكار و مناهضة هذه الفكرة من أسمى أهداف الحداثة ..

الحداثة عند عبدالله الغذامي تنحصر في كلمتين جامعتين مانعتين (التجديد الواعي) .. و أعتقد أن من الوعي عدم تقليد الغرب تقليداً أعمى , و أن التجديد ليس بدعاً من العمل أو زوراً من القول .. إذن فهذا التعريف هو منطلق الحداثة في العربية السعودية بخصوصيتها الثقافية ..

أمر الحداثة صار مريباً و خطيراً كونه جاء من الغرب , و كون الفكرة الغربية تقوم على أسس علمانية متحررة من كل شيء .. و مفكرونا و أدباؤنا انطلقوا من هذا الأساس في محاربة الحداثة , و لم ينظروا إلى النسخة العربية الإسلامية التي تعد (كما يرى الغذامي) أن كل نقلة حضارية هي حركة حداثية ,, و قد سرد في كتابه (حكاية الحداثة في المملكة العربية السعودية) مراحل الحداثة التي قامت في العربية السعودية فعدَّ توطين البدو (حداثة) , و تعليم البنات (حداثة) و افتتاح الجامعات (حداثة) ..

إذن فالحداثة ليست نطاقاً فكرياً أو ثقافياً محدداً و إنما هي (حالة فكرية كلية , تشمل الأفكار و الوعي مثلما تشمل أنماط المعاش و الإدارة و لكل بيئة اجتماعية أو فكرية تعريفها الخاص بها .. ) 35 - حكاية الحداثة -.

و لك أن تفهم الحداثة بمفهومها (اللغوي) فهي ذاتها التي يطالب بها كل أحد .. و إن شئت , فلدي أن الحداثة لفظ رديف للحضارة , للتمدن , للمظاهر الثقافية و الاجتماعية الراقية التي تقوم على احترام الأنظمة و القوانين العرفية و السياسية و الدينية ..

نعم , هناك مشكلة كبرى ,, و هي التبعية الواضحة للغرب عند كثير من الحداثيين , و دعوة إلى إقصاء الدين عند عدد منهم ,,

إلا أن الأمر ليس عاماً و الظاهرة غير مستشرية حتى يصح وصف الحداثة بهذا الوصف المبتذل ..

و ارجع إلى قول (رسول الحداثة -كما يراه أحد المناوئين -) الغذامي في تحديده للحداثة (و لكل بيئة اجتماعية أو فكرية تعريفها الخاص) .. فنحن كمثال في العربية السعودية نعيش بيئة اجتماعية محافظة شديدة المحافظة , و فكرية إسلامية شديدة السلفية .. و إن كان من تعريف للحداثة في هذه البيئة فهي تلك المناسبة لها , الموائمة للأهداف العامة للحداثة التي تتفق فيها كل رسالة حضارية نهضوية ..

فعند أدونيس أن أهداف الحداثة السامية لن تتحقق إلا بنبذ التراث الثقافي و الإسلامي العربي القديم كله ..

أما في العربية السعودية فالحداثة هي الانطلاق المتوازي مع الثقافة الاجتماعية و النسق الديني العام .. حيث يكون الازدواج و الإنتاج ..

فالحداثة تمثل الجانب (التقني , و الفكري المنفتح , و العين على الثقافات الأخرى) .. و الدين يمثل (الركن الأهم الذي يهذب المجتمع و يعين الحداثة على تحقيق أهدافها السامية ,, و يقف فلتراً صلباً في وجه استقبال الثقافات الأخرى .. حتى يصل إلى المجتمع أحسنه , و أنقاه) ..

أما حداثة (الوسائل) و الأدوات التي نراها متمثلة في الأدب و فنه فهذا أمر بسيط لا يحتاج إلى حجة قوية , أو مظاهرة حاشدة .. و إنما يدخل في باب التنويع في الأساليب و الدعوة إلى تعدد أغراض و فنون الأدب .. و أن لا نقتصر على الشعر العمودي المقفى الموزون , بل إن عبدالله الغذامي و هو رأس من رؤوس الحداثة يأنف أن تذكر الحداثة كرمز للأدب ,, و صرح مراراً و تكرارا خاصة في كتابه الأخير الحكاية ..

علينا أن نرتقي قليلاً بتفكيرنا ,, فلا نحسب كل صيحة علينا , و أن أية دعوة إلى تجديد هي من قبيل المؤامرات التي يسعى دعاتها إلى قلب مجتمعنا إباحياً ملحداً لاهيا , ,

لا ليس الامر كذلك يا صديقي ,, و أنت من ذيل مقالته بكلام لطيف و قاعدة ملهمة ,, إلا أنك كمن يذبح الحمامة بيده و عينه تدمع حزناً عليها ..

يجب أن لا نتوجس خيفة من كل شيء , و أن لا نجابهه بالرفض ,,فإننا إن انتهجنا ذلك ,, فلن يوصلنا الأمر إلا إلى (الانعزال و الانطوائية) ..

فتكون مجتمعاتنا متكورة متحجرة تعد من سقط المتاع , و هذا يخالف النهج النبوي الذي يدعو إلى البحث عن الحكمة , و يعدها ضالة أينما وجدها فهي له .. !!

ـ[أبو سارة]ــــــــ[15 - 07 - 2004, 02:48 م]ـ

السلام عليكم

كل الشكر لصاحب الموضوع على هذه الفوائد الجميلة،والشكر موصول لأستاذنا سامح المشهور بـ (سياسته الأدبية:)) كما لايفوتني أن أقدم الشكر الأجزل للأستاذ السمو على درره الغالية وحججه الواقعية0

لا أخفيكم،استمتعت بقراءة الموضوع جدا، فشكرا لكم جميعا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير