تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وتبنى اليوسفي استخدام مصطلح العدول بدلاً من الانزياح والاتساع والتوسع مشيراً إلى أنها مفاهيم متداولة عند العرب يمكن أن ينوب بعضها عن بعض، فهي إنها تسميات للظاهرة نفسها أي ( Ecart)( ).

وأورد صلاح فضل خمسة نماذج أساسية، طبقاً لمعايير اقترحها بعض الباحثين في تحديد الانحراف، يلتقي بعضها مع مفهوم التوسع، ويخرج بعضها عن مفهومه، فيتعدى الجملة أو العبارة إلى النص كاملاً مما يقصر دونه التوسع، إلا أنهما يتفقان في الجوهر، وهو الخروج عن قاعدة أو أصلٍ ما (). وخلص إلى أنه "يمكن تصنيف الانحرافات طبقاً لتأثيرها على مبدأي الاختيار والتركيب في الوحدات اللغوية تبعاً (لجاكوبسون)؛ فالانحرافات التركيبية تتصل بالسلسة السياقية الخطية للإشارات اللغوية عندما تخرج على قواعد النظم والتركيب مثل الاختلاف في ترتيب الكلمات. والانحرافات الاستبدالية تخرج على قواعد الاختيار للرموز اللغوية مثل وضع المفرد مكان الجمع أو الصفة مكان الموصوف أو اللفظ الغريب بدل المألوف" ().

ووفق مبدأ (الاختيار) و (التوزيع) فإن اللغة في الخطاب الأدبي تصبح عملية مقصودة بحيث تتعدى اللفظة (المختارة) الدلالة الأولى أو الدلالة الذاتية إلى الدلالة الإشارية والإيحائية والمصاحبة "فإذا كانت اللسانيات قد أقرت أن لكل دال مدلول، فإن الأدب يخرق هذا القانون فيجعل للدال إمكانية تعدد مداليله عبر عنه الأسلوبيون بمصطلح (الاتساع) Ecart الذي تصبح به اللغة غاية لا مجرد وسيلة، ومن هنا ينشأ مبدأ طاقة الشحن. فالدلالة الذاتية ليست سوى حافز للدلالة الحافة، وانعدام الوظيفة المرجعية للدال يحدث في المتقبل (صدمة) و (خيبة انتظار) " ().

ويرى الزيدي أن "الاتساع" ينتج" انطلاقاً من الكلمة نفسها، ولكنه يبرز بجلاء عند تركيب الكلمات المكونة للصورة الشعرية إذ هي لا تشرح المعنى بل هي تنحو نحو تغريبه) فالاستعارة مثلاً لا تعدو أن تكون إسقاطاً لدلالة الصورة الأولى مع بعث لدلالة جديدة" ().

وركز الدارسون المحدثون على أن طبيعة استعمال اللغة في الشعر يختلف عما هو خارج الشعر, وحديثهم عن هذه المسألة ينصب في معظمه في مفهوم "التوسع".

فقد ذكر محمود محمد شاكر أننا "حين نذكر (الألفاظ) في معرض الكلام عن الشعر عامة، وفي كل لسان، فغير مراد بها مجرد وجودها في اللغة وفي كتبها، بمعانيها التي درج عليها أهل كل لسان في التعبير عن فحوى ما يريدون. فهذا أمر طلق مباح لكل متكلم يريد أن يفهم سامعه ما يقول, ثم يمنحه أكتافه وينصرف.

أما ألفاظ (الشعر) فأمرها مختلف، لأنهم يلبسونها بالإسباغ، ويخلعون عنها بالتعرية، ما يكاد ينقل اللفظ من مستقره في اللغة وفي كتبها، إلى مدارج تسيل باللفظ وقرنائه من الألفاظ إلى غاية غير غاية المتكلم المبين عن نفسه لسامعه. وهذا شبيه بما نسميه (المجاز) و (الاستعارة) و (الكناية) وما جرى مجراها" (). وأشار إلى طبيعة الاستخدام الخاص للألفاظ والتراكيب في الشعر, فرأى أن "تمثّل القصيدة أمر شاق، في حديث الشعر وقديمه سواء، لأن الشعر كله يعتمد على الألفاظ، وعلى تركيب الألفاظ وتصريفها وعلى بناء الجمل ومنازلها من السياق، وعلى الأواصر الخفية بين الظاهر والباطن" (.

كما أشار شاكر إلى التوسع في أثناء شرحه أبيات وردت في طبقات فحول الشعراء لابن سلام بمعنى اتساع دلالة اللفظ ().

وأشار مصطفى ناصف إلى استعمال اللغة استعمالاً يخرج عن مواضعات المعجم، وقال:" إننا نقرأ الكلمات، وقد عمينا عنها بفضل الاعتقاد الثابت. نقرأ من الشعر الكثير عن الشيب، ويغيب عنا أن نوسع معجم الكلمة في ضوء هذا الشعر، حتى يشمل صنوفاً من الخيال، والاشتعال والكشف الأليم، والضوء الغامض، أو الضوء الأسود. وما فائدة الشعر إذا نحن لم نستخدمه في الاعتراض على المعاجم, وزيادة فقهنا للكلمات أو تعديل هذا الفقه تعديلاً مستمراً" ().

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير