تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لقد التزمت الدكتورة نازك الملائكة بالمنهج المعياري ووقفت بشدة ضد أي خروج عن مقاييس الفصاحة تخل بسلامة اللغة العربية، وقد طبقت ذلك على شعراء المدرسة اللبنانية الحديثة، فهي ترى ظاهرة العبث بالقواعد النحوية وإخضاع اللغة للسماع تهديماً لقواعد اللغة العربية. وتوجه الدكتورة نقداً للنقاد والمعاصرين العرب الذين لم يحتجوا على هذه الاستعمالات ومنها دخول (أل) التعريف على الأفعال والتي استخدمها جيل كامل من شباب لبنان كما جاء في قصيدة بعنوان (اللحم والسنابل) للشاعر اللبناني نذير عظمة منها قوله (:

أقفاصه الترنّ في الهياكل

الأروقة المعاول

الترن في الشوارع العوائل

وكذلك دخول (أل) على المنادى بـ (يا) في مثل الأبيات التالية من القصيدة السابقة:

يا الفلك الدائر، يا اليوزع في فصولها

ألم يك التراب من أصولها

فهي ترى أن دفاع هؤلاء الشعراء بأن هذه الأساليب السقيمة قد وردت في شواهد النحو دفاع ضعيف مستندين إلى شواهد شاذة وردت في الشعر القديم. ولقد ثبّت القرآن بلغته السهلة الجميلة صورة للغة العرب سارت عليها القرون وأغنتنا من الشذوذ والعبث. فالجماعة التي تضيع قواعد لغتها لابد أن تضيع قواعد تفكيرها، فالقواعد النحوية ماهي إلاّ عصارة الألسنة العربية الفصيحة عبر مئات من السنين فلا يجوز لشاعر أن يلعب بها إطالة لنزوة لغوية عابرة.

من خلال ذلك نرى أنها من النقاد المتزمتين بمقاييس الفصاحة وترى أن للآداب العربية شخصيتها المستقلة وإن النقد الذي يصلح لشعرنا يختلف بالضرورة عن النقد الأوربي.

ومن النقاد المعروفين الدكتور علي جواد الطاهر فهو في كل ماكتبه يحرص على الجانب اللغوي فنقده يدور حول دلالة الألفاظ التي أصبحت محور النقد اللغوي قديماً وحديثاَ، فقد نشر آراءه اللغوية في الصحف العراقية تحت عنوان (الباب الواسع) وأكثرها تخص الكلمات الحديثة (الأعجمية) التي دخلت العربية، وقد نقد الاستعمال الخاطئ لهذه الكلمات وبأسلوب ساخر، ونقده موجه للمثقفين وللعامة وهو ينزع في تصويباته إلى التشدد ويمنع ما فشا من الاستعمال الخاطئ واطمأنت إليه الأقلام ومن أمثلة تصويباته التي نشرت في جريدة (الثورة) ما يأتي:

(الباب الواسع، عن البوتيك).

البوتيك باختصار وأول الدلالات هو الدكان وبعد .... فقد كنا في باريس أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينات من هذا القرن وليس هذا هو المهم في الخبر وإنما المهم إننا كنا نمر أحياناً وأحياناً قليلة في أزقة قديمة ضيقة معزولة وعلى جانبيها دكاكين – ودكاكين جمع مفردة دكان – صغيرة تحتوي على أشياء قديمة متنوعة متراكمة على غير نظام، منها الصغير كالبرغي والمسمار ومنها الكبير كالمصباح والآلة الموسيقية والكرسي الذي لا يكاد يقف على رجليه ويديه وبين هذه وهذه ما يصفون وقوعه غالباً في سوق هرج من بسط وتماثيل وأوان ومعدنيات وجلديات ما يصفون بكلمة ( Antigues) وترجمناه شعبياً – ذات يوم – بالعنتيكات. ولابأس لأن المهم أن نعلم أن الدكان من هذه الدكاكين يسمونه البوتيك وهي لديهم كلمة مؤنثة واسم صاحبه بوتيكيير وصاحبته بوتيكيره (كما قلنا كوافيره مؤنث كوافير) وعلى هذا فالبوتيك هو الدكان وصاحبه البوتيكير، أقول صاحبه لأن الغالب على أصحاب هذه البوتيكات أن يكونوا رجالاً ... ثم وجدنا بين عشية وضحاها البوتيك Biutigue معربة معرفة أجيد خطها وحسن إخراجها فجاءت أنيقة تزين دكاكين – وعذراً إذا استعملت دكان أو دكاكين هنا لأني لا أملك غيرهما في الدقة والدلالة – وكثيراً ما اقترنت لدينا بصفة ليست لها في الأصل البوتيك الذهبي، البوتيك الأنيق، بوتيك سلافه، بوتيك ندى. وواضح أن أكثر هذه الدكاكين – العفو البوتيكات – تديرها نساء أنيقات جداً على آخر مقتضيات المودة. فثقيل جداً على المرأة (العراقية) أن تكون صاحبة دكان كما كان أبوها أو أخوها، أما أن تكون صاحبة بوتيك فذاك شيء آخر ... وصحيح أنك تجد في المعجم الفرنسي الحديث ما يشير إلى محل بيع الملابس الجاهزة ولكن الصحيح أنك تجد في المعجم أساساً: أن البوتيك، دكان، دكان لبيع الصناعات اليدوية من أدوات وآلات .. وقد يطلق على دكان القصاب – بائع لحم الخنزير أولا – ويطلق ذماً على دكان تتكدس فيه الأشياء فوضى و (هوسة) و (خربطة)، وتذم – غالبا – عقلية

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير