تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[ملامح من صورة المرأة في أدب نجيب محفوظ]

ـ[محمد أبو النصر]ــــــــ[22 - 04 - 2009, 11:03 م]ـ

عند قراءتي لأدب نجيب محفوظ وتطلعي لبعض الدراسات النقدية التي كتبت في الإنتاج الأدبي له، وجدت أنه هناك بعض القضايا التي أثيرت حول أعماله الروائية، والصاق بعض الاتهامات له، وإدعاء البعض بأن لنجيب محفوظ إطار محدد في الكتابة لا يستطيع الخروج عليه، فمثلا يراه البعض بأنه لم يصور الحياة المصرية كاملة فكانت حدوده الحارة المصرية القديمة، وخلا إنتاجه من لمسة الريف أو مسحة من صعيد مصر كذلك أيضا رواياته بها نزعة دينية، وهى التي كادت أن تفقد صاحبها أعز ما يملك وهى النفس ويتهمه البعض بأنه أسير للمدرسة الواقعية وللفكر الفلسفي.

أما بخصوص قضية المرأة وصورتها عند نجيب محفوظ فإنني وجدت كثيرا من النقاد يتفقون على أن نجيب محفوظ جعل المرأة إما في صورة البغاء أو الخائنة أو الجاهلة المستسلمة للحياة لاشخصية لها وأشاروا بهذا إلى أنه في رواياته لم ينصف المرأة ولم يعطيها حقها فهل حقا ما زعموه من اتهامات تخص صورة المرأة عنده؟ أم أنهم جنوا عليه وظلموه؟.

وأنا في هذا البحث قد رسمت مع نفسي الزاوية التي من خلالها أستطيع تناول أعمال نجيب محفوظ وهى صورة المرأة عنده فمن الصعب أن أقوم بدراسة الإنتاج الروائي كله وذلك لغزارته فنحن نعرف أن نجيب محفوظ استمر أكثر من خمسين عاما ينتج لنا أعمالا روائية ولهذا ستكون وقفتي مع عملين من أعماله العمل الأول

(اللص و الكلاب) 1961 و العمل الثاني (ميرامار) 1967وستكون قراءتي النقدية لهما مما تفيض به قريحتي والتي تبنى على النقد الانطباعي أولا.

(2)

النموذج الأول رواية (اللص و الكلاب)

استطاع نجيب محفوظ في رواية اللص و الكلاب أن يصور لنا المرأة من خلال شخصيتين النموذج الأول (نبوية) المرأة الخائنة لزوجها (سعيد مهران)، وهذه الشخصية لم تظهر لنا في هذا العمل بشكل ظاهري إلا في مشهد أو مشهدين فقط، ولكنها ظلت أمامنا عن طريق منطقة اللاوعي لدى البطل سعيد مهران الذي طالما يتذكر خيانة زوجته مع صديقه و صبيه (عليش سدره).

فنجيب محفوظ نجح في توظيف تكنيك (الفلاش باك) أو تيار الوعي، ليتحدث فيه عن الخديعة والخيانة التي، وقع فيها واستحضر شخصية نبوية دون ظهورها بشكل ظاهري، فهى مازالت في الظل، وعن تكنيك الفلاش باك وخاصة في توظيفه في هذه الرواية تعتبر الدكتورة فوزية العشماوي أن نجيب محفوظ هو أول من نقل هذا التكنيك الفني من الروائيين الفرنسين إلى الرواية العربية:

"هذاالتكنيك الروائي الجديد لم يبتدعه نجيب محفوظ ولكنه كان سائدا في الأدب الفرنسي حيث أطلق عليه تعبير الرواية الجديدة وتألق فيه روائيون فرنسيون كبار أمثال روب جرييه وميشيل بوتور ولكن نجيب محفوظ هو أول من نقل هذا التكنيك الروائي الجديد إلى الرواية العربية ابتداء من اللص والكلاب " (1)

وعن طريق المنولوج الداخلي وتذكره للماضي بما في ذلك شهوة الانتقام من الذين خدعوه وخانوه واتصاله بالأحداث الخارجية، يظهر لنا النموذج الثاني (نور) تلك المرأة البغية التي تبيع جسدها كل لحظة مقابل المال لا رغبة منها في الشهوة لكنها مضطرة لذلك لتعيش فإنها إمرأة ملوثة الجسد لكنها فاضلة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ

1 - المرأة في أدب نجيب محفوظ – د/ فوزية العشماوي مكتبة الأسرة 2005 صفحة 52

(3)

جعل الكاتب نور الإنسانه الوحيده في عالم البطل التي تقف بجانبه، وجعلها شعاعا لنور الأمل في حياته؛ ليتفاعل مع المجتمع مرة أخرى، ولكن سعيد مهران مازالت الخيانة أمامه، ومازال الإنتقام يجرى في عروقه.

هكذا فإن نجيب محفوظ بعد الفصل العاشر يحاول أن يفسر لنا سبب نزوح نور إلى القاهرة، وإلقاء الضوء على حياتها الفقيرة المليئة بالمشاكل الاجتماعية من خلال رصد صورة بيئتها، فالمياه الراكدة والهرب .. كل هذا يعطينا مؤشرا لحياة نور أو شلبية قبل نزوحها للعاصمة بحثا عن الرزق و التمتع بحياة كريمة شريفة، لكن ما حدث هو ما كان سائرا في الخمسينيات في القاهرة لفتيات الريف، فتيار البغاء يجرفهن لشاطىء مجهول ويأسرهن في مكان يجعلهن منفصلين فيه عن المجتمع

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير