تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وعدم تركيزي على موضوع مثل: (تقييد القافية في أول البسيط وثانيه)، (وما شابهه من خامس المديد وسادسه، وأول المنسرح وثانيه، والمقتضب) له ما يُبرره إلى حد ما، وذلك لاعتقادي بتجاوز الشعراء الكثير من أحكام العروض التقليدية، كوجوب الردف في ضرب ما، ووجوب الإطلاق في سواه ..

ولذلك فأنا مدين لأخي سليمان بتوجيه دفّة البحث عندي إلى ما لم أكن ألقي له بالاً.

وقد رجعتُ في مسألته تلك إلى الموسوعة الشعرية، وذلك على الرغم من أخطائها، وعدم موثوقيتها في كثير مما أشارت إليه من تحديد البحور، فاستطعت أن أصل إلى بعض النتائج المشجعة ..

فمن خامس المديد، مقيد القافية، وجدتُ قول العباس بن الأحنف (-192هـ):

خاتَمٌ لِيْ ما لَهُ أثَرٌ=فيه من عَضِّ الحبيبِ أثَرْ

سطَعَتْ بالمِسْكِ دارتُهُ=وأضاءَتْ مثلَ ضَوءِ قَمَرْ

فهْوَ كالتّعْويذِ في عَضُدٍ=صُنتُهُ كَيْ لا يراهُ بَشَرْ

ومثلها قصيدة مطولة لمحي الدين بن عربي (-640هـ) يقول فيها:

في فؤادِ العارفينَ بَصَرْ=ما لَهُ في المؤمنينَ خَبَرْ

حظّهُ علْمٌ ومعرفةٌ=ليسَ يدري ما يقولُ حيَرْ (!)

وأما سادس المديد فلم أجد له سوى قصيدة واحدة لابن أبي ربيعة (-93هـ)، ضُبطت بكسر الروي في الديوان وفي الموسوعة، فيكون ضربها على (فاعلن)، وتصحّ بالإسكان، فيكون ضربها على (فعْلن)، يقول فيها:

زارَنا زَوْرٌ سُرِرْتُ بهِ=ليتَ ذاكَ الزّورَ لم يعجَلِْ

إذْ أتانا ليلةً وجِلاً=من عيون الخانَةِ العُذّلِْ

وأتانا وهْوَ مُنخَرِقٌ=وبغالُ الحيِّ لمْ تُرحَلِْ

أما أول المنسرح، مقيد القافية، فما جاء عليه كثيرٌ جدّاً، وأذكر منه قول العباس بن الأحنف كذلك:

إنّ التي حدّثَتْكِ قد كذَبَتْ=وأدركَتْ عندكِ الذي طلَبَتْ

اِستفهِمي قصّتي وقصّتَها=أُخْبِرْكِ عنها بقُبْحِ ما صنَعَتْ

أقبلْتُ أسعَى إليكِ مكتَتِماً=فأعرَضَتْ دونكمْ وقدْ علِمَتْ

ويقول ابن حجاج (-391هـ):

قالَ غُلامي ومُقلَتاهُ تَكِفْ=وجسمُهُ ظاهِرُ السَّقام دَنِفْ

حسبْتنا هذهِ التي كثُرَ الـ=إرْجافُ في أمرِنا فليسَ يقِفْ

قد عَزَلونا عنها، فقلْتُ نعَمْ=وصادَفا (عَينُ واوُ نونُ ألِفْ)

وأحصيتُ للمعري (-449هـ) خمس مقطوعات على هذا الضرب، كقوله:

أفٍّ لِما نحنُ فيهِ منْ عنَتٍ=فكلُّنا في تَحَيُّلٍ ودَلَسْ

ما النحْوُ والشعْرُ والكَلامُ ومَا=مُرَقّشٌ والمُسَيّبُ بْنُ عَلَسْ

طالتْ على ساهرٍ دُجُنّتُهُ=والصبْحُ ناءٍ فمَنْ لنا بِعَلَسْ

وللمعتمد بن عباد (-488هـ):

وساعةٍ للزمانِ مُسعِفةٍ=قنَصْتُ فيها أرانِباً وحَجَلْ

فلا أراني الإلهُ منكَ رِضاً=إنْ لمْ أَصِدْ مِنْ عِداكَ كلَّ بطَلْ

ولابن رشيق القيرواني (-608هـ):

عملتُ شيئاً ما زالَ خَيْرَ عمَلْ=ونلْتُ أمراً ما زالَ ملْءَ أمَلْ

قبّلْتُ خصْراً لمَنْ أُحِبُّ فَما=دارَ عليهِ سِوى ثلاثِ قُبَلْ

وهنالك العديد من القصائد التي جاءت على هذا الضرب، رويّها التاء أو الكاف، كقصيدة ابن الأحنف السابقة، مع التزام الشاعر حرفاً آخر قبل الروي.

وأمّا شواهد ثاني المنسرح مقيدة الروي فكثيرة جداً، وتبدأ بما ذكره الأستاذ سليمان، من قول عبد الغفار الخزاعي، وقصائد لأبي نواس وأبي العتاهية والخبزأرزي، وابن عبد ربه، والراضي بالله، والسلامي، والصنوبري، وكشاجم، والخالدي، والوأواء، وغيرهم كثير ..

إضافة إلى ما جاء من مثل هذا الضرب مقيداً، مردوفاً، فلم ألتفت إليه، كقول المتنبي:

أزائرٌ يا خَيالُ أم عائدْ=أم عند مولاكَ أنني راقدْ

ومثله كثير جداً.

فأما (المقتضب)، فلم أحظَ بشاهد واحد عليه، وإنْ كنتُ أعتقد أنه لا يمتنع، وربما وجدنا شاهده لاحقاً، ولذلك أستشهد عليه بقولي تمثيلاً:

أيّها النديمُ أفِقْ=واسقِني الوَفا وأرِقْ

قد وصَلْتَ مُبتدِئاً=من شَذاكَ وهْوَ عَبِقْ

فارتشفْتُ ممتثلاً=خمرةَ الرضابِ فثِقْ

اللهم ثبّت جندك

اللهم أعْلِ دينك

ـ[سليمان أبو ستة]ــــــــ[10 - 01 - 2009, 11:28 م]ـ

أشكرك أخي عمر جزيل الشكر على ما تفضلت به من إيراد شواهد للتقييد في قوافي تلك الضروب من المديد والمنسرح وما تجشمته من عناء التمثيل لضرب مقيد القافية من المقتضب. وقد لفت نظري قولك حول أبيات عمر بن أبي ربيعة: "وأما سادس المديد فلم أجد له سوى قصيدة واحدة لابن أبي ربيعة (-93هـ)، ضُبطت بكسر الروي في الديوان وفي الموسوعة، فيكون ضربها على (فاعلن)، وتصحّ بالإسكان، فيكون ضربها على (فعْلن)، يقول فيها:

زارنا زور سررت به ليت ذاك الزور لم يرحلِْ

فمع أن السكون هو الأصح في ضبط قافية هذه الأبيات وذلك لعدم وجود ضرب محذوف تكون عروضه محذوفة مخبونه؛ إلا أن متابعتك لما ورد في الديوان والموسوعة الشعرية جعلني أحدس بأنك تنوي أن تعد هذا الشاهد استدراكا على ما أثبته الخليل من ضروب للمديد، وهو ما لم يرد في خاطر أبي الخطاب ولا في قصيدته التي يقول في بيت منها:

يا أبا الخطاب هل لكم ... من رسول ناصح يُرسَلُْ

فاحتمال الكسر بعيد كل البعد عن هذا الروي لو افترضنا أنه كان مطلقا، ولوحركته بالضم وهو الأصح من جهة قواعد النحو لدخلت دائرة عيب من عيوب القافية يسمى الإقواء.

وقد وجدت هذه الأبيات مضبوطة بالسكون في موقع المكتبة الشعرية على هذا الرابط:

http://www.she3r.ktaby.com/islamy/3042.htm

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير