تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

واستطرادا لكلام أخي الأستاذ خشان حول الضرب بين الرمل والرجز والخفيف، وجدت أني أشرت إلى هذه المسألة في كتابي "في نظرية العروض العربي" وقد وقفت في بحثي لظاهرة بتر الوتد عند شحّ الأمثلة والشواهد، قلت: " غالبا ما تتعرض نقرة الوتد الأولى للبتر في نهايات بعض الأشطر أو الأبيات عند الوقف التام. ويسبب هذا البتر الذي ينتج عنه نقص في عدد نقرات النسق خللا في الإيقاع إن لم يجر تعويضه على النحو التالي:

أولا: ضرورة التزام البسط في السبب قبل الوتد المبتور، فإذا كان هذا السبب ملتزما البسط أصلاً استحب في المقطع الذي يشغله أن يكون مفتوحا؛ لأن المقطع المفتوح أقدر من المغلق على التعبير عن زيادة الكم الصوتي.

ثانيا: التزام المقطع المفتوح على نقرة الوتد المتبقية.

وظاهرة بتر الوتد تبدو عامة في معظم الأنساق التي تنتهي بوتد أو يلي الوتد فيها سبب واحد. غير أن الملاحظ في بعض الأنساق أنها تتأبى على بتر وتدها الأخير مع أنها في الظاهر لا تختلف عن تلك التي تقبل البتر في شيء.

وقد أطلت التأمل كثيرا في هذه الظاهرة، ولكني لم أستطع الوصول إلى قاعدة لها سوى أني كنت أشعر بثقل واضح للبتر حين يفرض على نسقي الرمل والمتدارك. وأما المتقارب فيلاحظ أن البتر فيه لا يتحقق إلا حين يكون الوتد آخر عنصر في النسق، ومع ذلك يبدو ثقيلا في الحس".

طبعا كان ذلك الكلام قبل أن ألتقي بالدكتور عمر خلوف وأعرف أنه يعمل على تجميع مادة كتابه ذاك، وكل ما آمله هو أن يطبع كتابه قريبا فنحن في حاجة لكتاب مثله تكون فيه كل الشواهد موثقة ومحققه.

أستاذي وأخي الكريم

التعبير الرقمي عن هذه الحالات يتضمن أن الزحاف الذي يأتي في منطقة الضرب ويمكن أن يعبر عن المقاطع الناجمة عنه في منطقة الضرب كخبب يكون خاضعا للتكافؤ الخببي أي حلول السببين الثقيل والخفيف أحهما محل الآخر ضمن ضوابط أهمها

فمثلا في الخفيف فاعلاتن بالخبن تتحول إلى

فَعِلاتن = فعِ لا تن = سبب ثقيل + سبب خفيف + سبب خفيف

وهذه يمكن أن تنتقل إلى المكافئ الخببي

فعْلاتن = فعْ لا تن = سبب خفيف + سبب خفيف + سبب خفيف

ويتبع هذا الاستنتاج المنطقي بالنتقال إلى المكافئ الخببي

فعلأَ تن= فعْ لأ َ تن = سبب خفيف + سبب ثقيل + سبب ثقيل

وهذه الصورة الأخيرة لم ترد في العروض ولكن الذوق يستسيغها. ومنه ذلك

1 - أحكام القافية

2 - أن لا يزيد عد الأسباب في آخر العجز بعد الوتد الأخير عن ثلاثة أسباب أو سبب واحد زيادة على أعلى تركيب سببي في البيت أيهما أقل. فإذا كان المتقارب أو المتدارك فلا يكون بعد آخر وتد ما يزيد عن سببين.

ووجود (سبب خفيف + سبب ثقيل + سبب خفيف) = فا عِلَ تن = مسْ تَعِ لُن = متْ فعِ لُن ... نتيجة للتكافؤ الخببي ذكرني بهذه الفقرة من أستاذنا د. عمر خلوف في الرقمي:

كلّ شيءٍ يُمَلُّ منهُ إذا = زادَ إلاّ حديثكمْ لنْ يُمَلاّ

أورد المحبّي قول الخطيب عبد الله بن إلياس:

إن العروضَ لبحرٌ = تعوم فيه الخواطرْ

وكلّ من عامَ فيه = دارت عليه الدوائرْ

نعم أخي خشان، أشعر بسلاسة القطعة المعدّلة، من قصيدة د. عبده بدوي بما يجعل وزنها شيئاً محبباً أكثر من وزن أصلها. وأعيد هنا بعض أبياتها بعد تصحيح بعض الكلمات التي وردت خطأً، بناء على ما وجدته في سجلاتي:

هبط الأرض كالصباح سنيّا=وككأسٍ مكلّلٍ (بالحبَبِ)

[عزَفَ] الحبّ والمنى وحروفاً=كالعصافير إن تطاردْ (تجبِ)

وتغنّى كبلبلٍ وتهادى = كشعاعٍ معطّرٍ (مرتقَبِ)

عاش في [القيروانِ] قلباً ذكياً=يحتسي النور ينتشي من (طربِ)

تفرح الأرضُ حين يمشي عليها=يمسح [النجم] رأسَه في (حدَبِ)

حينما همّ بالرحيل [استجابت] =خطواتٌ وقلبه لم (يجبِ)

وقد ذكّرني هذا الخلط ببيتٍ على الكامل جاء في قصيدةٍ لي قديمة:

وقَرَتْ همومُ العمْرِ ظهري تَعَبا = وبَرى صراعُ الدهرِ جسمي نصَبا

وقد وجدتُ مثيله فيما بعد بقول د. عبده بدوي أيضاً، وهو مولع على ما يبدو بمثل هذه الخلطات!

قالوا بلادُكَ قد غدتْ مزهوّةً=عاد النقاءُ لها وغابَ التّرَحُ

وتغامزوا لمّا عبَرْنا شارعاً= في موجِهِ العاتي مساءً سبَحوا

وتطايروا لمّا انعطفنا جانباً = فوراءَ إعلانٍ مثيرٍ نزَحوا

ذكَروا مساءً أهرقوا ألوانَهُ = ومشى على صوتِ المغنّي قُزَحُ

وسخاءَ راقصةٍ بجسمٍ مورِقٍ=صاحَ الكمانُ به وفار القدَحُ

كلٌّ يُعيدُ حكايةً عن وردةٍ = هُصِرَتْ وعن شرَفٍ رفيعٍ جَرَحوا

متفاعلن متفاعلن متفاعلن = متفاعلن متفاعلن مفتعلن

كما ذكرني بقول إبراهيم العريض (من السريع/الرجز):

وزهرةٍ تبسمُ عن لؤلؤٍ = قد نفَضَ النسيمُ عنها الوَسَنا

تجري المياهُ تحتَها سلْسَلاً = وحولَها الطيورُ تبكي الدِّمَنا

كأنها إذا رنَتْ غادةٌ = تنظُرُ في المرآةِ وجهاً حسَنا

مستفعلن مستفعلن فاعلن = مستفعلن مستفعلن مفتعلن

*******************

وهذا الذي يسميه أستاذنا خلطا وذكرته أنت بصورة ما هو في الرقمي يأتي في غاية الوضوح اتساقا لتصور شامل في موضوع من أجمل مواضيع الرقمي اسمه (التخاب) لكم أتمنى لو يكسبكما الرقمي يوما.

ولي عودة بإذن الله إلى بعض فقرات ردك القيم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير