تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومع انقطاع التيار الكهربائي، تعالت صرخات ونداءات الركاب يبحثون عن بعضهم البعض، وينقذون الناجين منهم في حركات غير مدروسة وغير منتظمة على الإطلاق.

* * * * * * * * * * * * * * * *

إختفاء صوت سيرين المفاجئ عن سمع كريم زاد من توتره وقلقه وبدأ مسلسل البحث عنها، ثم استوقفته إحدى عجائز ركاب الدرجة الأولى وهي تشده من قميصه المبلل وتناشده البحث عن حفيدها الذي تسمع صياحه وسط الظلام ولا تعرف مكانه ....

عملية إنقاذ الطفل وإعادته إلى جدته الثرية استغرقت نصف ساعة على الأرجح لكنها – مع الأسف – لم تكن كافية لتبقي العجوز وطفلها على قيد الحياة فترة طويلة من الزمن!!!

كان نداء الفطرة في قلب الأم وحده الذي أجبرها أن تكون ممسكة به حتى اللحظات الأخيرة التي تجمعهما معاً قبل أن ينهار عليهما عامود فولاذي ضخم دفنهما تحته في قاع البحيرة إلى الأبد .. وكان ذلك على مرأى ومسمع من كريم الذي جن جنونه من هول الموقف .. وراح الآن يفتش بحرارة وحماس أكثر عن سيرين أو أي من الناجين من زملائها.

كانت سيرين في هذه الأثناء قد انفصلت عن الباقين .. وبحماقة جريئة راحت تتجه بمفردها نحو غرفتها وتتلمس الطريق بيديها بعزم وثقة ..

لقد تذكرت جهاز إرسال بحجم الراديو الكبير كانت قد أحضرته معها لمزيد من المتعة والتشويق يمكنه على حد زعمها من التقاط بث السفينة من على بعد كبير لو هي استطاعت التقاط موجة البث بين السفينة وبرج المراقبة الأرضي على اليابسة.

لقد كانت تخطط لإجراء تجارب فنية من هذا النوع حين تستقر على الجزيرة هي وزملائها وزميلاتها. فقالت في نفسها لو أنها استطاعت الوصول إلى هذا الجهاز وتشغيله في اللحظة الأخيرة فلربما نجحت في إطلاق نداء استغاثة إلى اليابسة، أو إلى أحد ما هناك.

وصلت غرفتها أخيراً وقد امتلأت جبهتها وأكتافها بلطخات من الدم ينز من شرخ في رأسها نتيجة اصطدامها بقطعة حديدية حادة فاجأتها وسط الظلام.

حملت الجهاز أخيراً وحملت معه كاميرتها الرقمية ثم خرجت من الغرفة وبدأت تبحث عن كريم.

وصل كريم أخيراً إلى سطح السفينة بصعوبة بالغة وهو يمسك بيد رجل عجوز بترت نصف ساقه تقريباً والدم لا يزال رطباً على ملابسه .. وكان البحارة على سطح السفينة منهمكين بإخلاء السفينة في قوارب صغيرة للنجاة تنفيذاً لأمر القبطان الذي أصدر أوامره بالإخلاء .. ثم جال البحارة في جميع نواحي السفينة لتجميع الركاب في نقطة واحدة على السطح ومن ثم إنزالهم على شكل دفعات متتالية في تلك القوارب.

وكم كانت فرحة كريم وهو يرى صديقته تتجه وسط الزحام باتجاه السطح .. وحين رأته هي الأخرى اتجهت إليه مباشرة وألقت بنفسها بين ذراعيه في لحظة فرح مجنونة .. وبدأ كريم يلح عليها بمغادرة السفينة على الفور مع الباقين وهو يدفعها نحو سلم الطوارئ للنزول

إلا أنها راحت بعناد وإصرار تتمنع وتقسم عليه أنها لن تتركه لحظة واحدة على ظهر السفينة وحده وتقول له:

" إما أن ننجو معاً أو نغرق معاً " ..

* * * * * * * * * *

(يتبع)

ـ[الحب خطر]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 11:04 ص]ـ

الجزء الثالث

وفي هذه اللحظات أصابت صاعقة رعدية عامودَ سارية التوازن الرئيسية فكسرته من وسطه ثم بدأ العامود يتداعى ببطء ويقتلع معه جميع الأسلاك الحديدية والحبال التي تشده، ويتجه نحو نقطة التجمع على سطح السفينة فوق رؤوسهم مباشرة ..

دفع كريم سيرين بقوة نحو سلم النزول وهو يطمئنها أنه سيلحق بها فوراً على نفس القارب أو القارب الذي يليه على الأرجح .. وهو يعلم يقيناً أن الوقت لم يعد ليسمح على الإطلاق بقارب آخر. غير أن دافع الشهامة أملى عليه أن يقف هذا الموقف البطولي لعله أن يتسبب في إنقاذ المزيد من الركاب .. وظل ينظر إليها وهي تنزل ببطء درجات سلم الطوارئ وعيناها تملآنهما الدموع والرعب .. ولا تزال حرارة يده مستقرة في باطن يدها .. وظل هو ممسكاً بجهاز البث الذي وضعته سيرين في يده في حركة لا تزال تجهل معناها هي نفسها .. وكانت على أمل أن يتبعها فعلاً في نفس القارب أو القارب الذي يليه .. ثم ما إن استقرت قدماها على سطح قارب النجاة كآخر راكب وصل، وعيناها معلقتان بكريم في لحظات وداع أخيرة، حتى أخرجت فجأة كاميرتها المعلقة على صدرها ثم وجهتها هناك حيث كريم على حافة السفينة ثم التقطت له

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير