تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وعن ابن عمر قال: ((لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليه أبو بكر- رضي الله عنه- فأكب عليه وقبل جبهته. وقال: بأبي أنت وأمي طبي حياً وميتاً. وقال: من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات. ومن كان يعبد الله فإن الله حي في السماء لا يموت)) رواه البخاري، عن محمد بن فضيل، عن فضيل بن غَزْوان، عن نافع، عن ابن عمر.

وعن أنس بن مالك كانت زينب تفخرُ على أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: ((إن الله زوجني من السماء)). وفي لفظ: ((زوَّجكُنَّ أهلُوكنَّ وزوجني الله مِنْ فوق سبع سماوات)) أخرجه البخاري.

وحديث عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ لم يَرْحَم مَنْ في الأرض لم يَرْحمْه مَنْ في السَّماء)).

وحديث ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسري به مرت رائحة طيبة فقلت: ((يا جبريل ما هذه الرائحة؟)) فقال: هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون كانت تمشطها فوقع المشط من يدها فقالت: بسم الله. فقالت ابنته إلى أبيها. فدعا بها فقال: هل لك رب غيري؟ قالت: ربي وربك الله الذي في السماء. فأمر ببقرة نحاس فأحميت ثم دعا بها وبولدها. فألقاهم فيها)) الحديث رواه الدارمي وغيره.

وروى الدارمي أيضاً بإسناده إلى أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لما أُلقي إبراهيمُ في النار قال: اللهمَّ إنَّكَ في السَّماء واحد، وأنا في الأرض واحدٌ أعبدك)).

وأما الآثار عن الصحابة في ذلك فكثير، منها قول عمر- رضي الله عنه- عن خولة لما استوقفته فوقف لها فسئل عنها فقال: ((هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سماوات)).

وعبدالله بن رواحة لما وقع بجارية له. فقالت له امرأته: فعلتها. قال: أما أنا فأقرأ القرآن، فقالت: أما أنت فلا تقرأ القرآن، وأنت جنب. فقال:

شهِدْتُ بأنَّ وعدَ الله حقٌ وأن النارَ مثوى الكافرينا

وأنَّ العرشَ فَوقَ الماء طافٍ وفوق العرشِ ربُّ العالمينا

وتحْمِلُهُ ملائِكةٌ كِرامٌ مَلائِكةُ الإله مُسوَّمِينا

وابن عباس لما دخل على عائشة وهي تموت. فقال لها: ((كنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن يحب إلا طيباً، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سماوات)).

وكذلك نجد أكابر العلماء، كعبدالله بن المبارك- رضي الله عنه- صرح بمثل ذلك. روى عثمان بن سعيد الدارمي، قال: حدثنا الحسن بن الصباح، قال: حدثنا علي بن الحسن بن شقيق، عن ابن المبارك قيل له: كيف تعرف ربنا، قال: بأنه فوق السماء السابعة على العرش باين من خلقه.

ثم قال: " ومن عرف هيئة العالم ومركزه من علم الهيئة وأنه ليس له إلا جهتا العلو والسُّفل، ثم اعتقد بينونة خالقه عن العالم، فمن لوازم البينونة أن يكون فوقه؛ لأن جميع جهات العالم فوق، وليس إلا المركز وهو الوسط.

إذا علم ذلك فالأمر الذي تهرب المتأولة منه حيث أوَّلوا الفوقية بفوقية المرتبة، والاستواء بالاستيلاء فنحن أشدُّ الناس هرباً من ذلك وتنزيهاً للباري تعالى عن الحدِّ الذي يحصره فلا يحد بحدٍّ يحصره، بل بحد تتميز به عظمته وذاته ليس مخلوقاته، والإشارة إلى الجهة إنما هي بحسب الكون، وتسفله إذ لا يمكن الإشارة إليه إلا هكذا، وهو فد قِدَمه سبحانه منزه عن صفات الحدوث، وليس في القِدم فوقية ولا تحتية، وإن من هو محصور في التحت لا يمكنه معرفة باريه إلا من فوق فتقع الإشارة على العرش حقيقة إشارة معقولة، وتنتهي الجهات عند العرش، ويبقى ما وراءه لا يدركه العقل، ولا بكيفية الوهم فتقع الإشارة عليه كما يليق به مجملاً ثابتاً لا مكيفاً، ولا ممثلاً وجه من البيان، الرب ثابت الوجود ثابت الذات، له ذات مقدسة متميزة عن مخلوقاته تجلى للأبصار يوم القيامة، ويحاسب العالم فلا يجهل ثبوت ذاته، وتميزها عن مخلوقاته، فإذا ثبت ذلك فقد أوجد الأكوان في محل وحيِّز، وهو سبحانه في قِدَمه منزَّهٌ عن المحل والحيِّز فيستحيل شرعاً وعقْلاً عند حُدُوث العَالم أن يحمل فيه، أو يَخْتلِط به؛ لأن القديم لا يحلُّ في الحادِث، وليس هو محلاًّ للحوادث فلزم أن يكون بايناً عنه، وإذا كان بايناً عنه يستحيل أن يكون العالم في جهة الفوق وأن يكون ربه في جهة التحت هذا مُحَال شرعاً وعقلاً فيلزم أن يكون العالم في جهة الفوق، فوقه بالفوقية اللائقة به التي لا تُكيَّف ولا تمثّل بل تعلم من حيث

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير